هذا باب الإضافة
  وإذا لقي الساكنة ساكن جاز كسرها وفتحها، نحو: (مع القوم)، وقد تفرد بمعنى جميعا، فتنصب على الحال، نحو: (جاؤوا معا)(١).
= الموضع الثالث: أهي معربة في جميع أحوالها وعلى كل لغاتها أم هي مبنية في بعض لغاتها؛ وللنحاة في هذا الموضع قولان، أحدهما أنها معربة في كل أحوالها وفي كل لغاتها فإن جاءت منصوبة فهي منصوبة على الظرفية، وإن جاءت ساكنة كما في بيت الشاهد فهو ضرورة وهذا قول سيبويه |، والثاني أنها معربة إذا انتصبت مبنية إذا سكنت، وأن سكونها لغة ربيعة وغنم كما قال المؤلف، وهذا رأي الكسائي، واختاره المتأخرون من النحاة.
فأما أنها اسم لمكان الاجتماع أو زمانه فلا يختلفون فيه.
فإن قلت: فلماذا لم يذهب القائلون بأنها ثنائية إلى بنائها، بل لماذا لم يذهب الجميع إلى بنائها تشبه الحرف شبها معنويا لأنهل تضمنت معنى حرف المصاحبة، فإنكم قررتم في أسباب بناء الاسم أن يتضمن الاسم معنى من حقه أن يؤدى بالحرف، سواء أوضعت العرب له حرفا كالاستفهام والشرط أم لم تضع له حرفا كالإشارة؟ ومعنى سؤالنا هذا أنه كان يلزم النحاة جميعا أن يقولوا ببناء مع، سواء في ذلك القائلون بأنها ثنائية الوضع والقائلون بأنها ثلاثية الوضع، أما القائلون بأنها ثنائية الوضع فيجعلون بناءها لأنها أشبهت الحرف شبها وضعيا، فإنكم رجحتم أن حد الشبه الوضعي أن يكون الاسم على حرف واحد كتاء الضمير وكافه وهائه أو على حرفين سواء أكان ثانيهما حرف لين كنا أم لم يكن، وأما القائلون بأن (معا) ثلاثية الوضع فيجعلون بناءها لكونها أشبهت الحرف شبها معنويا.
فالجواب على ذلك أن النحاة لم يغب عن أذهانهم ما ذكرت، ومع هذا لم يذهب أحد إلى بنائها إلا قوما منهم زعموا أنها مبنية في حالة واحدة، وهي أن يكون آخرها ساكنا، فقد ذهب الكسائي إلى بنائها حينئذ، وتبعه متأخر والنحاة، وقد اختلفوا في تعليل إعرابها، فذكر الحفيد أنها معربة - ولو قلنا إنها ثنائية الوضع - لأنها في أغلب أحوالها ملازمة للإضافة، فمن هنا ضعف شبهها بالحرف، فلم يؤثر هذا الشبه فيها البناء، وذكر الرضيّ أنها لم تبن لدخول التنوين عليها في نحو (جئنا معا) ولأنها تجر بمن في نحو قراءة من قرأ {هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ} وهذا تعليل لا يستقيم، لأن الجر بمن والتنوين أثر من آثار الإعراب، وليس مقتضيا له، إلا أن ندعي أن هذا هو الذي أعلمنا أن العرب تعربها مستدلين بهما.
(١) ومن ذلك قول الخنساء: =