أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[مما تلزم إضافته «غير»]

صفحة 137 - الجزء 3


= فأما على الاعتبار الأول - وهو تقدير قطع غير عن الإضافة لفظا ومعنى - فإن (غير) حينئذ اسم معرب، ويجوز فيها وجهان الضم والنصب مع التنوين، فإن رفعت فهي اسم ليس، وإن نصبت فهي خبر ليس، والجزء الثاني من معمولي ليس على الوجهين محذوف.

وأما على الاعتبار الثاني - وهو تقدير غير مقطوعا عن الإضافة إلى لفظ المضاف إليه مع أنه مضاف إلى معنى المضاف إليه تقديرا - فإن (غير) حينئذ يضم من غير تنوين - وللنحاة فيه حينئذ ثلاثة مذاهب، الأول - وهو مذهب المبرد والجرمي وأكثر المتأخرين، ونسبوه إلى سيبويه - وحاصله أن (غير) اسم يشبه قبل وبعد في الإبهام وفي القطع عن الإضافة لفظا مع نية معناه، فهو مبني على الضم، ويجوز أن يكون في محل رفع اسم ليس، وأن يكون في محل نصب خبر ليس، والجزء الثاني من معمولي ليس محذوف، والمذهب الثاني - وهو مذهب الأخفش - أن (غير) حينئذ اسم غير ظرف منويّ الإضافة مثل كل وبعض، فهو معرب، وهذه الضمة ضمة الإعراب، وحذف التنوين لأن المضاف إليه منويّ، وعليه يكون (غير) اسم ليس مرفوعا بالضمة الظاهرة، ولا يجوز أن يكون خبر ليس، والمذهب الثالث - وهو مذهب ابن خروف وحاصله أنه رأى أن ما نسب إلى المبرد وسيبويه أمرا محتملا ليس عليه إنكار، وما نسب إلى الأخفش كذلك أمر محتمل ليس من قبوله بد، وعلى ذلك أجاز أن تكون هذه الضمة ضمة بناء فيكون غير مبنيا على الضم في محل رفع لأنه اسم ليس أو مبنيا على الضم في محل نصب لأنه خبر ليس، ويجوز أن تكون الضمة ضمة إعراب فيكون غير اسم ليس مرفوعا بالضمة الظاهرة، وعلى وجه الإجمال نقول: إن ابن خروف رأى تكافؤ الأدلة في قول المبرد وفي قول سيبويه فلم يتخير أحد القولين وأجاز كل واحد منهما.

وأما على الاعتبار الثالث - وهو تقدير غير مضافة إلى محذوف يرشد إليه المقام فلا خلاف في أن (غير) في هذه الحال اسم معرب، وفي أن حركته حركة إعراب، وفي أن تنوينه يحذف لأن المضاف إليه مقدر، ويجوز فيه الرفع على أنه اسم ليس، والنصب على أنه خبر ليس، والجزء الثاني من معمولي ليس محذوف.

بقي مما يتعلق بهذه المسألة أن نقول لك. إن المؤلف | مثل بقوله (ليس غير) وقد صرح في كتابه مغني اللبيب بأنه لا يقال (لا غير) بوضع لا موضع ليس، وبالغ في -