فصل: في أحكام المضاف للياء
  وتدغم ياء المنقوص، والمثنّى، والمجموع في ياء الإضافة، كقاضيّ، ورأيت ابنيّ وزيديّ، وتقلب واو الجمع ياء، ثم تدغم(١)، كقوله:
  [٣٦٣] -
  أودى بنيّ وأعقبوني حسرة
= اللغة الفراء وقطرب، وأجازها أبو عمرو بن العلاء، ووجهها أن أصل ياء المتكلم السكون، فكسرت للتخلص من التقاء الساكنين.
(١) تقول: جاء زيدي - بكسر الدال وتشديد الياء - وتقول: جاء مسلمي - بكسر الميم وتشديد الياء - والأصل الأصيل فيهما: جاء زيدون لي ومسلمون لي، فلما أردت الإضافة حذفت اللام والنون فصارا: زيدوي ومسلموي، فاجتمعت الواو والياء في كلمة واحدة وسبقت إحداهما بالسكون، فوجب قلب الواو ياء وإدغام الياء المنقلبة عن الواو في ياء المتكلم، ثم تقلب الضمة التي كانت على الحرف الذي قبل الواو كسرة لأجل مناسبة الياء.
[٣٦٣] - هذا الشاهد من كلام أبي ذؤيب الهذلي - واسمه خويلد بن خالد بن محرث - وكان له أبناء خمسة هلكوا جميعا بالطاعون في عام واحد، فقال فيهم مرثية يعدها بعض العلماء في الذروة العليا من شعر الرثاء، وما ذكره المؤلف صدر بيت منها، وعجزه قوله:
عند الرّقاد وعبرة لا تقلع
والشاهد الآتي بعد هذا (رقم ٣٦٤) أحد أبياتها أيضا.
اللغة: (أودى) هلك (بنيّ) أصله بعد الإضافة (بنوي) فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء ثم كسرت النون لمناسبة الياء (وأعقبوني) خلفوا لي وأورثوني (حسرة) حزنا في ألم، ويروى في مكانه (غصة) وهي بضم الغين المعجمة - الشجا وما اعترض في الحلق فأشرق، وقالوا: غص فلان بالحزن، وبالغيظ، على التشبيه، (الرقاد) النوم، وإنما خص الحسرة أو الغصة بوقت الرقاد وهو الليل لأنه عندهم مثار الهموم والأشجان انظر إلى قول الشاعر:
نهاري نهار النّاس، حتّى إذا بدا ... لي اللّيل هزّتني إليك المضاجع
لأن الإنسان يخلو بنفسه ولا يجد له مؤنسا، وحينئذ تثور أفكاره، وتعود إليه أشجانه، (عبرة) دمعة (لا تقلع) لا تنقطع.
الإعراب: (أودى) فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف منع من ظهوره التعذر (بنيّ) فاعل مرفوع بالواو المنقلبة ياء المدغمة في ياء المتكلم نيابة عن الضمة لأنه جمع مذكر سالم، وياء المتكلم مضاف إليه مبني على الفتح في محل جر (وأعقبوني) الواو =