أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب النكرة والمعرفة

صفحة 88 - الجزء 1

  ومنه قوله:

  [٢٤] -

  ......... وإنّما ... يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي


[٢٤] - هذه قطعة من بيت من الطويل، وهو بتمامه:

أنا الذّائد الحامي الذّمار، وإنّما ... يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي

وهذا بيت من قصيدة للفرزدق يعارض بها جريرا ويفخر عليه، وبعد هذا البيت قوله:

فمهما أعش لا يضمنوني ولا أضع ... لهم حسبا ما حرّكت قدمي نعلي

اللغة: «الذائد» اسم فاعل من ذاد الشيء يذوده، إذا دفعه، وتقول: فلان يذود عن قومه، وأنت تريد أنه يدفع عنهم كل ما هم بصدد أن ينزل بهم، فهو يدفع الأذى ويرد غائلة الأعداء ويكسر من شوكتهم «الذمار» بكسر الذال بزنة الكتاب - كل ما لزمك أن تحافظ عليه وتحميه «أحساب» جمع حسب - بفتح الحاء والسين جميعا - وهو كل ما يعده الإنسان من مفاخر آبائه، وقيل: الحسب المال، والأول أشهر «لا يضمنوني» أراد أنه لا يجر عليهم جريرة ولا يجني جناية فيكفلوه أو يغرموا عنه «لا أضع» هو مضارع مجزوم بالعطف على جواب الشرط، أجوف، من الإضاعة، وقد حذفت عينه للتخلص من التقاء الساكنين «ما حركت قدمي نعلي» ما هذه مصدرية ظرفية، والمعنى: مدة تحريك قدمي نعلي، وأراد بذلك طول حياته، لأنه ما دام حيا يحرك قدمه فتتحرك نعله بحركة قدمه.

الإعراب: «أنا» ضمير منفصل مبتدأ «الذائد» خبر المبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة «الحامي» صفة للذائد، أو هو خبر ثان للمبتدأ، والحامي مضاف و «الذمار» مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة، ويجوز أن يكون الذمار منصوبا على أنه مفعول به للحامي «إنما» حرف دال على القصر مبني على السكون لا محل له من الإعراب «يدافع» فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة «عن» حرف جر «أحسابهم» أحساب: مجرور بعن، وعلامة جره الكسرة الظاهرة، وأحساب مضاف وضمير الغائبين مضاف إليه «أنا» ضمير منفصل فاعل يدافع مبني على السكون في محل رفع «أو» حرف عطف «مثلي» مثل:

معطوف على الضمير المنفصل، ومثل مضاف وياء المتكلم مضاف إليه.

الشاهد فيه: قوله: «إنما يدافع عن أحسابهم أنا» حيث أتى بالضمير المنفصل - وهو «أنا - لكونه واقعا بعد «إلّا» في المعنى والتأويل، والذي يقع بعد «إلّا» هو الضمير المنفصل، وإنما كان الضمير ههنا في المعنى والتأويل واقعا بعد «إلّا» لأن معنى قوله:

«إنما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي» هو بعينه معنى قولك: لا يدافع عن أحسابهم إلّا أنا أو مثلي.