[للتعجب عبارات كثيرة ولكن المبوب له في النحو صيغتان]
  وأجمعوا على أنها مبتدأ؛ لأنها مجردة للإسناد إليها(١)، ثم قال سيبويه: هي نكرة تامّة بمعنى شيء، وابتدئ بها لتضمنها معنى التعجب، وما بعدها خبر، فموضعه رفع، وقال الأخفش: هي معرفة ناقصة بمعنى الذي، وما بعدها: صلة فلا موضع له، أو نكرة ناقصة، وما بعدها صفة فمحله رفع، وعليهما فالخبر محذوف وجوبا، أي: شيء عظيم(٢).
= كلامهم الآتي في أحسن) اه. ومع أن البصريين يقولون صراحة بأن في (أحسن) ضميرا يعود إلى ما، وهو فاعل أحسن، فإن بين هذا الضمير وغيره من الضمائر المستترة المرفوعة فرقا من ثلاثة أوجه؛ الأول: أن الضمير المرفوع المستتر في الفعل مثلا يجوز العطف عليه بعد الفصل بالضمير المرفوع البارز أو فاصل ما، وهنا لا يجوز في الضمير المستتر في أحسن ذلك؛ والثاني: أنه لا يجوز أن يبدل من الضمير المستتر في أحسن، والثالث: أنه لا يجوز في باب التدريب أن يخبر عن هذا الضمير المستتر في (أحسن) فاعرف ذلك.
(١) روي عن الكسائي أنه يقول: إن (ما) لا موضع لها من الإعراب؛ فهو على هذا لا يكون مع النحاة في أنها مبتدأ، قالوا: وهذا قول شاذ لا يقدح في الإجماع، وفيه نظر؛ لأنه لا يصح أن يقال عن الكسائي قريع سيبويه ونديده: إن خلافه لا يعبأ به، وإنه لا يحتاج إلى مثله في ادعاء الإجماع، ثم متى انعقد من النحاة الإجماع حتى يقال فيه ذلك؟.
(٢) ويروى عن الأخفش قول ثالث غير هذين القولين اللذين ذكرهما المؤلف، وهو أن (ما) نكرة تامة لا تحتاج إلى وصف، فيكون في هذا القول موافقا لسيبويه والجمهور.
ويرد على القولين اللذين ذكرهما المؤلف منسوبين إلى الأخفش أنه التزم حذف خبر المبتدأ من غير أن يقوم مقامه شيء، والذي عرفته في باب المبتدأ والخبر أنه لا بد لحذف الخبر وجوبا من وجود أمرين: أحدهما أن يدل عليه دليل، والثاني أن يقوم مقامه في الكلام شيء، ألا ترى أن جواب لولا والحال التي لا تصلح أن تكون خبرا وجواب القسم قد قام كل واحد منها مقام الخبر المحذوف، وههنا لم يقم شيء في مقام الخبر المحذوف وجوبا، فخالف نظائره التي حذف فيها الخبر وجوبا.
وبقي قول لم يذكره المؤلف أيضا - وهو قول الفراء وابن درستويه، ونسبه قوم إلى الكوفيين - وحاصله أن (ما) اسم استفهام مشرب بمعنى التعجب مبتدأ مبني على السكون في محل رفع، فأما الكوفيون فعندهم أن (أحسن) اسم مرفوع خبر المبتدأ، وأما الفراء وابن درستوريه فإن قالا إن (أحسن) اسم ووافقا الكوفيين استقام لهما القول =