أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[الصيغة الثانية: «أفعل به»]

صفحة 226 - الجزء 3

  وأما (أفعل) كأحسن فقال البصريون والكسائي: فعل؛ للزومه مع ياء المتكلّم نون الوقاية، نحو: (ما أفقرني إلى رحمة اللّه تعالى) ففتحته بناء كالفتحة في ضرب من (زيد ضرب عمرا) وما بعده مفعول به، وقال بقية الكوفيين: اسم؛ لقولهم: (ما أحيسنه)⁣(⁣١)، ففتحته إعراب، كالفتحة في (زيد عندك) وذلك لأن مخالفة الخبر للمبتدأ، تقتضي عندهم نصبه، و (أحسن) إنما هو في المعنى وصف لزيد، لا لضمير (ما)، و (زيد) عندهم مشبّه بالمفعول به⁣(⁣٢).

[الصيغة الثانية: «أفعل به»]

  الصيغة الثانية: أفعل به، نحو: (أحسن بزيد).


= على ما فيه، وإن قالا إن (أحسن) فعل ماض تقع جملته خبرا كما يقول البصريون في (أحسن) ورد عليهما أنهما جعلا خبر اسم الاستفهام المشرب بالتعجب جملة فعلية، وهو خلاف الأصل، فإن الأصل أن يكون خبره اسما مفردا نحو قوله تعالى: {الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ} {الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ} {وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ}.

(١) واستدلوا لذلك بقول الشاعر:

ياما أميلح غزلانا شدنّ لنا ... من هؤليّائكنّ الضّال والسّمر

زعموا أن التصغير من خصائص الأسماء فيكون تصغير أملح دالا على أنه اسم، والجواب أنه بيت مفرد شاذ.

(٢) الخبر إما أن يكون هو المبتدأ في المعنى نحو (اللّه ربنا) و (محمد نبينا) وإما أن يكون المبتدأ مشبها بالخبر نحو (زيد أسد) ونحو قوله تعالى: {وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ} ولا خلاف بين أحد من النحاة بصريهم وكوفيهم في أن الخبر في هذين النوعين مرفوع، وإما أن يكون الخبر وصفا لغير المبتدأ في الحقيقة نحو قولك: (زيد أكرم الناس أبا) فإن الأكرمية وقعت خبرا عن زيد وهي عند التحقيق وصف للأب، وصح الإخبار بها عن زيد للملابسة، ومن ذلك قولهم: (ما أحسن زيدا) فإن ما مبتدأ مخبر عنه بأحسن، والحسن ليس من صفات الشيء العظيم الذي تعبر عنه ما، وإنما هو من وصف زيد وهذا النوع من الخبر يختلف النحاة فيه، فذهب البصريون إلى أنه مرفوع كالنوعين السابقين، وذهب الكوفيون إلى أنه منصوب، وأن ناصبه معنوي، وهو الخلاف بينه وبين المبتدأ، ويكون انتصاب (زيدا) على أنه مشبه بالمفعول به، على هذا المذهب، وهذا كلام تمحلوه تمحلا فلا تركن إليه.