[هل يجمع بين التمييز والفاعل الظاهر في الكلام؟]
  ومنعه سيبويه والسّيرافيّ مطلقا، وقيل: إن أفاد معنى زائدا جاز، وإلّا فلا، كقوله:
  فنعم المرء من رجل تهامي(١)
  [٢٨٥]
= بذلت لا محل لها شرط لو، وجوابها محذوف، وتقدير الكلام على هذا: لو بذلت رد التحية لنعمنا بردها؛ مثلا (نطقا) الأحسن في هذه الكلمة أن تعرب منصوبا على نزع الخافض وإن كان النصب على نزع الخافض بابا سماعيا، وإنما اعتبرنا ذلك أحسن لتصريحه في مقابله بحرف الخفض وذلك قوله (أو بإيماء) وقد ذكر العيني أن (نطقا) تمييز (بإيماء) جار ومجرور معطوف على ما قبله بأو.
الشاهد فيه: قوله (نعم الفتاة فتاة) حيث جمع بين فاعل نعم الظاهر وهو قوله (الفتاة) وبين تمييزها وهو قوله (فتاة)؛ وليس في التمييز معنى زائد على ما يدل عليه الفاعل.
ومثل هذا البيت قول جرير:
والتّغلبيّون بئس الفحل فحلهم ... فحلا، وأمّهم زلّاء منطيق
ومثله أيضا قوله:
تزوّد مثل زاد أبيك فينا ... فنعم الزّاد زاد أبيك زادا
وفي هذين البيتين تقدم المخصوص - وهو (فحلهم) في الأول و (زاد أبيك) في الثاني - على التمييز.
وقد ورد في النثر الذي لا ضرورة فيه، ومن ذلك قول الحارث بن عباد فارس النعامة وقد بلغه أن ابنه بجيرا قد قتل في يوم من أيام حرب البسوس، فقال (نعم القتيل قتيلا أصلح بين بكر وتغلب).
(١) هذا الشاهد من كلام أبي بكر الأسود بن شعوب الليثي، وقيل: لبجير بن عبد اللّه بن سلمة الخير بن قشير، والذي ذكره المؤلف ههنا عجز بيت من الوافر، وصدره قوله:
تخيّره فلم يعدل سواه
وقد سبق ذكر هذا الشاهد في باب التمييز من هذا الكتاب شاهدا على ظهور (من) مع التمييز، وهو الشاهد (رقم ٢٨٥).
ومحل الشاهد ههنا قوله: (فنعم المرء من رجل) حيث جمع بين فاعل نعم الظاهر وهو قوله (المرء) وبين التمييز، وهو قوله (من رجل)، وهذا التمييز قد أفاد معنى لم يفده الفاعل بواسطة نعته بكونه منسوبا إلى تهامة، وتهامة: اسم ما نزل عن نجد من بلاد الحجاز. =