أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب العطف

صفحة 308 - الجزء 3

هذا باب العطف⁣(⁣١)


= المعنى: وصف الشاعر نفسه بعد أن هدّه الكبر، ونالت الشيخوخة منه منالها، ولم يعد حاليا بقوة الشباب وميعته، فذكر أن الغواني لم يبق فيهن ميل له، ولا صرن يعبأن به أو يبالينه.

الإعراب: (فأصبح) الفاء عاطفة، أصبح: فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى المحدث عنه وهو إنما يتحدث عن نفسه عن طريق الغيبة (لا) حرف نفي مبني على السكون لا محل له من الإعراب (يسألنه) يسأل: فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة، ونون النسوة فاعله، وضمير الغيبة مفعوله، وجملة المضارع وفاعله ومفعوله في محل نصب خبر أصبح (عن) حرف جر (بما) الباء حرف جر بمعنى عن؛ فهو توكيد لفظي لعن، وما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بعن، والجار والمجرور متعلق بقوله يسأل (به) جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الاسم الموصول.

الشاهد فيه: قوله: (عن بما) حيث أكد (عن) الجارة توكيدا لفظيا بإعادته بلفظ مرادف له، وهو الباء التي بمعنى عن والمتصلة في اللفظ ب (ما) الموصولة، والتوكيد على هذا النحو شاذ عند المؤلف تبعا للناظم وابن عصفور على ما بينا في شرح الشاهد السابق؛ لأنه لم يفصل بين المؤكد والمؤكد، مع أن الحرف المؤكد ليس من أحرف الجواب، ولو أنه أتى به على ما تقتضيه العربية عند من ذكرنا لقال (عما بما) ومع أن التوكيد على هذا النحو شاذ فهو في هذا البيت الذي نحن بصدد شرحه أهون من الشذوذ الذي في قول الشاعر في البيت السابق (للما بهم) ووجه كون هذا أهون في الشذوذ من ذاك من ناحيتين؛ الأولى: أن الحرف المؤكد في البيت السابق موضوع على حرف هجائي واحد وهو اللام، وهو في هذا البيت موضوع على حرفين هجائيين وهو (عن). الناحية الثانية: أن المؤكد والمؤكد في البيت السابق بلفظ واحد، وهما في هذا البيت بلفظين مختلفين وإن اتفقا في المعنى.

(١) العطف في الأصل مصدر قولك: (عطفت الشيء) إذا ثنيته فجعلت أحد طرفيه على طرفه الآخر، وهو أيضا مصدر قولك: (عطف الفارس على قرنه) أي كفئه ومساويه في الشجاعة - أي التفت إليه، وفي اصطلاح النحاة ما ذكره المؤلف.

وأنت خبير بأن حقيقة عطف البيان تخالف حقيقة عطف النسق، فلذلك لم يذكر المؤلف ولا غيره من النحاة لهما تعريفا واحدا يجمعهما، لأن الحقائق المختلفة لا =