أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[يصح في عطف البيان أن يعرب بدل كل من كل، وشرط ذلك]

صفحة 311 - الجزء 3

  متبوعه مخالف لقول سيبويه في (يا هذا ذا الجمّة) إنّ (ذا الجمة) عطف بيان مع أنّ الإشارة أوضح من المضاف إلى ذي الأداة.

[يصح في عطف البيان أن يعرب بدل كل من كل، وشرط ذلك]

  ويصحّ في عطف البيان أن يعرب⁣(⁣١) بدل كلّ، إلّا إن امتنع الاستغناء عنه، نحو: (هند قام زيد أخوها) أو إحلاله محلّ الأول، نحو: (يا زيد الحارث) وقوله:


= التطابق بين البيان والمبين، وفي هذه الآية مخالفة بينهما من ثلاثة أوجه، وذلك أن {مَقامُ إِبْراهِيمَ} معرفة بالإضافة إلى العلم، ومذكر، ومفرد، وقوله: {آياتٌ بَيِّناتٌ} نكرة، ومؤنث، وجمع.

وكذلك لا يجوز أن يكون {مَقامُ إِبْراهِيمَ} بدل كل من كل؛ وذلك لأنهم اشترطوا إذا كان المبدل منه دالّا على متعدد أن يكون البدل وافيا بالعدة، وقوله: {آياتٌ بَيِّناتٌ} جمع، وأقل ما يدل عليه الجمع ثلاثة، ولم يذكر في الآية إلا واحد، فلم يتحقق شرط البدل، وقيل: يجوز أن يكون {مَقامُ إِبْراهِيمَ} بدلا، لكنه ليس بدل كل من كل حتى يلزم ما ذكره المانع، بل يجوز أن يكون بدل بعض من كل كما صرح به البيضاوي، ولا يلزم في بدل البعض من كل شيء مما ذكرتم، وقيل: إنا نلتزم أن يكون بدل كل من كل، ونتأول في {مَقامُ إِبْراهِيمَ} بأنه مفرد في اللفظ، ولكن له جهات متعددة تجعله في حكم الجمع، فإن الآيات المتعددة فيه: أثر القدم في الصخرة الصماء، وغوصه فيها إلى الكعبين، وكونها قد خصت بذلك من بين الصخور، وبقاؤه دون آثار الأنبياء، وحفظه.

والحاصل أن قوله تعالى: {آياتٌ بَيِّناتٌ} لا يجوز أن يكون عطف بيان، ولا يجوز أن يكون بدلا إلا على التأويل الذي ذكره البيضاوي؛ فيتعين أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أو مبتدأ خبره محذوف، والتقدير: بعضها مقام إبراهيم، أو منها مقام إبراهيم.

(١) محصل المسألة أنه قد يتحتم كون التابع بيانا، وذلك في الصورتين اللتين ذكرهما المؤلف، وقد يتحتم كونه بدلا، وذلك فيما لو كان للثاني إعراب ليس على لفظ الأول ولا محله، نحو (يا عبد اللّه كرز) بضم الثاني، وكذا فيما إذا كان الثاني غير مطابق للمتبوع، مثل قول اللّه تعالى: {لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ} وقوله تعالى:

{إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً}. ويجوز فيما عدا ذلك الأمران، لكن يترجح البيان على البدل؛ فتحصل أن الوجوه ثلاثة: وجوب البيان، ووجوب البدل، وجواز الأمرين.