باب الولاء
  الاحتمال الثاني، وهو المختار: أن حلها أفضل وذلك، لأن إقامته على اليمين يكون مانعاً لنفسه عن فعل ما أبيح له.
  وهل يكون الامتناع من المآكل اللذيذة ولبس الأثواب الرقيقة أفضل، أو تناولها أفضل؟ يحتمل أن تناولها أفضل، فيكون حل اليمين أفضل، والإقامة مكروهة، لقوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ}[الأعراف: ٧].
  ويحتمل أن يكون تركها طاعة، فيكون عقد اليمين طاعة، لما روي عن السلف ا الصالح من الصحابة والتابعين أنهم كانوا يرون ترك الأطعمة اللذيذة ويعرضون عن لبس الأثواب الرقيقة، ولهذا قال أمير المؤمنين كَرَمَ اللهُ وَجْهَهُ (والله لو شئت لاهتديت إلى لباب هذا القمح، ومصفّى هذا العسل، ونسائج هذا القز) ولقد كان لبسه من الصوف الخش، ويأكل الطعام الخشن الذي لا يقدر أحد على أكله حتى لقد قال: والله لأروضن نفسي رياضة تهش معها إلى القرض إن وجدته مطعوماً وإلى الملح إن وجدته مأدوماً إلى غير ذلك مما حمل نفسه من الضيف في المطعم والملبس. وروي عن عمر ¥ أنه قال: (لو شئت أن يدهمقوا لي لدهمقوا لي). وأراد بالدهمقة: لين الطعام، لقوله تعالى: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا}[الأحقاف: ٢٠] فلهذا عمل الصحابة على ما ذكر.
  وإذا حلف بغير الله معتقداً تعظيمها كعظم الله كفر، وإن لم يعتقد ذلك وقصد الحلف بها كره. وإن جرى على لسان الحالف من غير قصد ولا اعتقاد تعظيم كان كلغو اليمين ليس بمكروه، ولا محظور، وعليه يحمل لقوله ÷ للأعرابي: «أفلح وأبيه إن صدق».
  ولا تصح يمين السكران، إلا أن يكون في مبادئ سكره عند أخذته الهزة والطرب.