الإستبصار في مختصر كتاب الإنتصار،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

كتاب الشهادات

صفحة 314 - الجزء 2

كتاب الشهادات

  قرئ قوله تعالى: {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ}⁣[البقرة: ٢٨٢]، بضم الراء، فتكون لا نافية، والفعل مبني، لما سمى فاعله، والمعنى: لا يضر الكاتب غيره بامتناعه من الإجابة، وفرئت: بفتح الراء، فتكون، لا، ناهية، والفعل مبني لما لم يسم فاعله، والمعنى: لا يضر بالكاتب والشهيد. ومن كانت عنده شهادة بحق الله كالزنا، فالمستحب الكتم، لأنه قال لمن شهد بالزني: «هلا سترت بثوبك يا هزال»، وإن كانت لا آدمي وصاحبها يعلم بها، فالمستحب أن لا يعرضها عليه، وإن كان لا يعلم، استحب أن يعرضها عليه.

  وعن ابن عمر عن النبي ÷ قال: «خيركم قرني الذين بعثت فيهم، ثم الذي يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يفشوا الكذب فيحلف الرجل اليمين لا يسألها ويأتي بالشهادة قبل أن يسألها».

  وروي زيد بن خالد أن الرسول ÷ قال: «ألا أخبركم بخير الشهود، الذي يأتي بالشهادة قبل أن يسألها». فهذان الخبران قد تعارضا، فيحمل الأول على الذي يكون صاحبها عالماً بها، والثاني مع عدم العلم، ويحتمل أن المدح مع الصدق والذم مع الكذب، ولهذا قال: «ثم يفشوا» فإن عرض فالأصح أن ذلك لا يقدح في عدالته، لكن أساء.

  وإذا فاجاء الزنا نظر إلى الفرج، أو الإرضاع، ونظر إلى الثدي أو إلى الفرج فشاهد خروج الولد، أو رأى عيبا في البدن من برص، أو جذم جازت شهادته. وأما إذا قصد النظم لتحمل الشهادة، ففي ذلك احتمالات أربعة:

  [الاحتمال الأول]: يحتمل الجواز، لأن أبا بكرة ونافعا وشبل بن معبد تعمدوا النظر إلى فرج المغيرة والمرأة، وشهدوا بذلك عند عمر ولم ينكر عليهم أحد من الصحابة.