كتاب: الوقف
كتاب: الوقف
  يقال: وقفت داري وأرضي على الفقراء، ولا يقال: أوقفتها عليهم في فصيح اللغة، ويقال: حبست فرسي في سبيل الله واحتبستها بالوجهين جميعاً، ويقال: أوقفت أمري لأمر أنتظره.
  وقد وقف كثير من الصحابة، روي أن أمير المؤمنين كرم الله وجهه حفر بئراً بينبع فجرى ماؤها كعنق البعير، فقيل: هذا بخت الوارث، فتصدق بها وكتب فيها: هذا ما تصدق علي بن أبي طالب، ابتغاء وجه الله، وليصرفه عن النار ويصرف النار عنه ينظر فيه الحسن ما عاش ثم الحسين، ثم ذو الرأي من ولده ووقف ماله بينبع، ووادي الفرات.
  ووقفت فاطمة رضوان الله عليها على بني هاشم وبني عبدالمطلب. ووقف أبو بكر وقفاً، ووقف عمر سهاماً له في خيبر ابتاعها. ووقف عبدالرحمن بن عوف ماله، ووقف عثمان بئر رومة على جميع المسلمين، وجعل دلوه من جملة دلائهم، ووقف طلحة ماله.
  وروى ابن هشام: أن مخيريق من يهود بني قريظه أسلم وخرج في بعض الغزوات فقال: إن قتلت في هذه الغزوة فمالي الرسول ÷، «فقتل فأخذ النبي ÷ ماله وتصدق به» فهو إلى الآن صدقة عن رسول الله ÷ يأكله كل من أتى إلى المدينة زائراً للرسول ÷.
  وروى جابر بن عبد الله أنه لم يبق من أصحاب رسول الله ÷ ممن له مقدرة، الا من وقد وقف.
  وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قدم المدينة من اليمن، فقال: لم يبق في المدينة شيئ لأهلها إلا وهو وقف.
  ولا ينعقد الوقف، إلا باللفظ والنية، كالنذر، فإن كان أخرساً صح بالإشارة.
  وإذا وقف على صغير، فالمختار: أنه لا يفتقر إلى قبول ولا يبطل بالرد.