باب: حد الشرب
باب: حد الشرب
  من استحل شرب الخمر كفر.
  وأما قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ}[المائدة: ٩٣]، فلها تأويلات.
  الأول: إن هذا كان قبل تحريم الخمر.
  الثاني: أن المراد فيما طعموا من المباحات، وقد رجع قدامة بن مظعون، وعمرو بن معدي كرب، إلى التحريم لما أنكرت عليهما الصحابة لأنهما احتجا بالآية، وقال قدامة: نشرب ونتقي.
  والتداوي بالخمر، لأن تحريمه مغلظ، فلا يقاومه ظن الشفاء، لكن من شربه للتداوي كان عاصياً ولم يحد.
  وقول ش: أحد الحنفي إذا شرب المثلث وأقبل شهادته، وقال: إن الذمي لا يحد وذلك لأن الحاجة داعية في زجر الحنفي، وهو في قبضة الإمام، بخلاف الذمي، لكن في كلامه مناقضة من وجهين:
  الأول: أنه إذا قبل شهادته، فكيف يجوز له حده، وإقامة الحد دلالة الفسق لا محالة.
  والثاني: أنه إذا كان يرى تحليله، فلا وجه لحده، وكان يلزم حده إذا شرب الماء، وفي الحديث عنه ÷: «من شرب الخمر فاجلده فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاقتلوه». القتل منسوخ، بكون الرسول ÷ أتي بمن شرب الخمر فجلده، فأتي به ثانياً، فجلده وقد شرب، فأتي به ثالثاً وقد شرب فجلده، فأتي به رابعاً وقد شرب فجلده ولم يقتله، فتركه دلالة النسخ، والأمة مجمعة على نسخه.
  وإذا اجتمعت الحدود لم تداخل، لكن يقدم حد القذف ولو تأخر، لأنه حق آدمي، ويقدم الجلد في الحدود على القطع، لأن الجلد أخف، ولا تقطع حتى يبرأ من ألم الجلد.