الإستبصار في مختصر كتاب الإنتصار،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

فصل: في ملة أهل الكتب الصابئة

صفحة 576 - الجزء 2

فصل: في ملة أهل الكتب الصابئة

  فرقة من النصارى، ولهم مقالات في الإلاهيات تخالف مقالة النصارى، يزعمون أن الأفلاك أحياء ناطقة وأن الأفلاك السبعة لما تحت كرة القمر إلى غير ذلك من الخرافات.

  والسامرية من اليهود يؤخذ من هؤلاء الجزية.

  وأما حكم من تمسك بصحف إبراهيم وإدريس وزبور داود، فمن العلماء من قال: لا يقرون ببذل الجزية، ولا يناكحوا، ولا تحل ذبائحهم، لأن كتبهم ليست كلام الله، وإنما هي أحكام نزلت بالوحي.

  وقيل: ليست أحكاماً، وإنما هي مواعظ وقصص، فلم يكن لها حرمة الكتب المنزلة.

  والمختار: أنهم من أهل الكتب المنزلة، ووجه ذلك قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ٢٩}⁣[التوبة] ولأن الجزية إذا أخذت من المجوس وأقروا على ما هم عليه وليس لهم إلا شبهة كتاب، فلأن يمر هؤلاء ولهم كتب موجودة أولى وأحق، وإنما قلنا: أن المجوس لا كتاب لهم، كما هو رأي أئمة العترة وح وأحد قولي ش، لقوله تعالى: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا}⁣[الأنعام: ١٥٦]، وقول النبي ÷: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب غير آكلي ذبائحهم ولا ناكحي نسائهم».

  وروي أنه ÷ اكتب إلى قيصر ملك الروم: من محمد رسول الله إلى قيصر عظيم الروم، «يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم».

  فسماهم: أهل كتاب، وهم نصارى.

  وكتب إلى كسرى: «من محمد رسول الله إلى كسرى»، ولم يخاطبهم بأنهم أهل كتاب لأنهم مجوس.