مجموع رسائل الإمام المهدي محمد بن القاسم الحسيني،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[في معنى بر الوالدين وعقوقهما، وحكم أخذ الوالد من مال ولده]

صفحة 142 - الجزء 1

  والجواب: أن المراد بعقوق الوالدين ظلمهما، وعدم القيام بحقوقهما مع الإمكان، وإن كانت الدرج فيه متفاوتة في العظم والشدة وضديهما، فأدناه التأفيف، وأعلاه العداوة والقتل.

  ولا مانع من كون التأفيف كبيرة لثلاثة أمور:

  أحدها: أنه قد أفاده النهي من الكتاب، والنهي حقيقة يفيد التحريم، والحرام ما يستحق عليه الذم والعقاب، إلا ما خصه الدليل من الصغائر المكفرة، وتجنب الطاعات، ولا دليل هنا إلا ما ورد من الأدلة على عظم العقوق، وأما على القول بأن كل عمدٍ كبيرة فالأمر أجلى.

  وثانيها: أن هذه اللفظة تتضمن الاستحقار والاستهانة بحقهما، فتنبي أن ما في القلب أبلغ مما جرى به اللسان.

  وثالثها: لما عظم اللّه من حقوقهما حتى قرن برهما بتوحيده في قوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانَاً}⁣[النساء/٣٦]، فيكون تحقيراً لما عظم اللّه وأي فظاعة أبلغ من ذلك، بل قد يبلغ إلى حد الكفر إذا اقترن به الاستخفاف بأمر اللّه تعالى.

  وأما أخذ الأب مال ولده فظاهر الحديث الجواز مطلقاً، وهو قوله ÷ «أنت ومالك لأبيك»، إلا أنه قد حكي الإجماع - حكاه الأمير الحسين # - على منع الأب مما زاد على حاجته، أو خالف مصلحة الولد، فيكون الإجماع مخصصاً للخبر، ويبقى قدر النفقة مع الحاجة إليها، فمهما أخذ الأب ما هو جائز فله ذلك، وإذا منعه عُدَّ عُقوقاً، وإن كان