مجموع رسائل الإمام المهدي محمد بن القاسم الحسيني،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[في قطعية الإمامة، وما يترتب عليها من الأحكام]

صفحة 146 - الجزء 1

  حبها رأس كل خطيئة، فمهما فعل ذلك فذمته بريئة، وقد فعل ما وجب عليه ولو بايع أو جاهد أو قَتَلَ أو قُتِلَ، وهذا الذي قضت به الأدلة القطعية.

  بل يمكن دعوى الإجماع عليه، لأنه لم يرو عن أحد من الأئمة أنه أنكر على من تابعه وجاهد معه من العوام مع علمهم بأنهم لم يبلغوا درجة النظر والاجتهاد، بل لا زال دعاؤهم إياهم متوتراً، ويلزمون البيعة والجهاد كرهاً، ولأنه لو كُلف الجاهل العلم مع كون الأمور فورية لكان من تكليف ما لا يطاق، ولما جاز للإمام أن يجبر على الواجبات التي أمرها إليه، بل لا يقبلها لجواز كون فاعلها غير عاثر على اليقين في حقه، فكيف وقد قال أبو بكر بمحضر من الصحابة: (واللّه لو منعوني عقالاً - أو قال: عناقاً - مما كانوا يؤدونه إلى رسول اللّه ÷ لقاتلتهم عليه، وجرى مجرى الإجماع في الحكم، لا في إمامته، بل العبرة بمذهب الإمام عند نفسه، فإذا علم صحة ولايته، جاز له الإجبار كالرسول ÷ فإنه قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا اللّه، فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على اللّه»، فلو كان لا يجوز له قتالهم حتى يعلموا بنبوءته لما قال هذا، ولقال: حتى يعلموا أني مرسل، ولما ورد من الكتاب والسنة من الأدلة المفيدة للعلم على وجوب اتباع أهل البيت والكون معهم عموماً، وخصوصاً مع الأئمة المحقين منهم، مثل: «خبري السفينة»، «وإني تارك فيكم»، «وتمسكوا بطاعة أئمتكم»، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}⁣[النساء/٥٩]، وعلى الرجوع إلى العلماء من قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}⁣[النحل/٤٣]، وقوله تعالى: {فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ}⁣[التوبة/١٢٢]، وقوله تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي