[المؤاخذة بأفعال القلوب]
  ثبوت الكَتْبِ من المصالح التي علمها اللّه تعالى، وإن كان غنياً عن كتب الظاهر والباطن، وبأخذ هذين التأويلين يندفع إشكال التعارض.
  على أنه قد جاء في تفسير قوله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ}[يس/١٢]، أن المراد بالإمام اللوح المحفوظ على الخلاف في معناه، وكذلك قوله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا}، قيل: اللوح، وقيل: كتاب الحفظة.
  وأما قول السائل: إذا نوى العبد الظلم أو غيره من المعاصي، ولم يتمكن لعذر، فهل ذلك معصية يعاقب عليها؟
  فنقول: الصحيح أنها ليست بمعصية(١) يعاقب عليها، ما لم يشارك العزم المعزوم فيما يوجب كفراً أو فسقاً، وعليه حديث: «رفع عن أمتي ما حدثت به أنفسها ... الخ»، وحديث: «إذا نوى العبد بسيئة فلا تكتبوها».
  واعلم أن ما في القلب:
  منه ما هو من فعل اللّه تعالى كالخاطر، وهذا لا عقاب عليه قطعاً، لأنه يستلزم الظلم، واللّه يتعالى عنه.
  فإن قلت: فكيف حَسُن قوله تعالى: {وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ}؟
(١) أي قطعاً، بل محتمله للصغر والكبر فيما لم يرد الدليل على كبره، كما رحجه الإمام # فيما يأتي، وقوله # وعليه حديث رفع ... الخ.