مجموع رسائل الإمام المهدي محمد بن القاسم الحسيني،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[المؤاخذة بأفعال القلوب]

صفحة 159 - الجزء 1

  ثبوت الكَتْبِ من المصالح التي علمها اللّه تعالى، وإن كان غنياً عن كتب الظاهر والباطن، وبأخذ هذين التأويلين يندفع إشكال التعارض.

  على أنه قد جاء في تفسير قوله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ}⁣[يس/١٢]، أن المراد بالإمام اللوح المحفوظ على الخلاف في معناه، وكذلك قوله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا}، قيل: اللوح، وقيل: كتاب الحفظة.

  وأما قول السائل: إذا نوى العبد الظلم أو غيره من المعاصي، ولم يتمكن لعذر، فهل ذلك معصية يعاقب عليها؟

  فنقول: الصحيح أنها ليست بمعصية⁣(⁣١) يعاقب عليها، ما لم يشارك العزم المعزوم فيما يوجب كفراً أو فسقاً، وعليه حديث: «رفع عن أمتي ما حدثت به أنفسها ... الخ»، وحديث: «إذا نوى العبد بسيئة فلا تكتبوها».

  واعلم أن ما في القلب:

  منه ما هو من فعل اللّه تعالى كالخاطر، وهذا لا عقاب عليه قطعاً، لأنه يستلزم الظلم، واللّه يتعالى عنه.

  فإن قلت: فكيف حَسُن قوله تعالى: {وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ


(١) أي قطعاً، بل محتمله للصغر والكبر فيما لم يرد الدليل على كبره، كما رحجه الإمام # فيما يأتي، وقوله # وعليه حديث رفع ... الخ.