مجموع رسائل الإمام المهدي محمد بن القاسم الحسيني،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[حول الإرجاء وحديث سورة الصمد]

صفحة 172 - الجزء 1

  آخذ بحجزته، وهو متطلع في النار يميناً وشمالاً من رأى فيها دخلها بذنب غير شرك أخرجه»، فهذا مشكل غاية الإشكال على قواعد الآل، إن قلنا برده مع هذا السند لزم التشكيك في جميع أحاديث الكتاب، وهو أعظم معتمدات أئمتنا.

  وإن قلنا بقبوله، ففيه ما فيه، والجواب مطلوب، جزيتم خيراً.

  والجواب عن هذا السؤال: أنه لا بد من تقديم بيان أصلين في هذا البحث ليقع البناء عليهما:

  أحدهما تقرير الحق في هذه المسألة بالدليل، إذ الدليل هو المعتمد:

  فيقال: تقرر في الأصول بآيات الإحباط، وآيات الوعد والوعيد المشهورة، أن فاعل الكبيرة يستحق العقاب الدائم، ولو تقدمت له أعمال مثل الجبال، والأدلة في ذاك صريحة مذكورة في مواضعها عموماً وخصوصاً، مثل قوله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ٩٣}⁣[النساء]، وغير ذلك مما ورد في الكبائر، وإنما أشرنا إلى طرف من ذلك، ووجدنا استثناء التائب صريحاً في كتاب اللّه تعالى في غير آية، فوجب أن يكون من المخصصات سواء كان متصلاً أو منفصلاً، وما أطلق من آيات الوعيد وجب حمله على المقيد، كما هي القاعدة الأصولية، ولم نجد الاستثناء بقوله: إلا أن يعفو اللّه في شيء من الآيات، فلا يصح جعله مخصصاً من دون دليل، وإن وجد في بعضها إلا ما شاء اللّه، فالتقييد بالمشئية محتمل، ولا استدلال بمحتمل.

  إذ يحتمل إلا ما شاء اللّه، وهي الأ وقات المتقدمة على دخول النار، كيف ويوم الحساب وحده خمسون ألف سنة؟.