[حول تعارض الأئمة الدعاة $، وفرض العامي في ذلك]
  والذي صيرها قطعية مع كون بعض شروطها ظنياً: هو الدعوة الحاصلة من الفاطمي الكامل، ولهذا علق وجوب النهوض إليه بها، ثم ينظر في بقية الشروط، وهو صريح الحديث قوله ÷: «من سمع واعيتنا أهل البيت فلم يجبها كبه اللّه على منخريه في نار جهنم»، لأنها دعاء إلى اللّه، وإلى ما جاء به رسول اللّه ÷ من إحياء الشريعة والعمل بها، وإماتة البدع وإحياء الفرائض والسنن، ولا شك أنه يجب التعاون بين آحاد المسلمين على ذلك، كما قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة/٢]، وعموم أدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن لما كان حماة شريعة رسول اللّه ÷ هم أهل بيته وحفاظها وورثة الكتاب، كما قال تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ٣٢}[فاطر]، وكان عهدتهم القيام والذب عنها وتبليغها، كما أهلهم اللّه تعالى بالقيام بوظيفة جدهم ÷، وكان القائم منهم يختص بأحكام، وله مباشرة أمور لا تجوز لغيره من سائر الناس، وبها تمام قيام معالم الإسلام، وكان قائمهم قائماً مقام الرسول ÷ إلا فيما يخصه من الأحكام، فمهما استقام على طريقة الذي استخلفه، ووجدت فيه صفاته، لا جرم تحتم وجوب إجابته والمسارعة إلى دعوته، وجعلت تلك الأوصاف شروطاً لمعرفة كماله، ومن شأن الشروط أن يكتفى فيها بالظن ولا تحتاج إلى القطع، ولا تقدح ظنيتها في قطعية الأصل كالصلاة وغيرها من القطعيات، فلا يقدح في قطعيتها كونه يكفي الظن في القبلة، والوقت، وبعض الطهارة، وإن كان نفس اشتراط الاجتهاد والتدبير مثلاً في القائم على الجملة