[حول تعارض الأئمة الدعاة $، وفرض العامي في ذلك]
  قطعياً، لكن وجوده في الآحاد يكفي فيه الظن كما حكينا، وقد ينتهي الحال إلى العلم بكماله، لكن العلم غير شرط في الابتداء، إذ لو كان شرطاً لزم الدور في مثل التدبير والشجاعة والكرم، فعرفت أن الذي صيرها قطعية هو الدعاء إلى اللّه من ذي المنصب المخصوص، وأن الشرط مما يكتفى فيها بالظن كما في نظائرها من الصلاة والصوم والحج وغيرها، بل أكثر القطعيات على هذا المنوال.
  ومن هاهنا يظهر فساد ما قيل: إن ما ترتب على ظني فهو ظني، على الإطلاق.
  لأنه يقال: الإمكان من قبيل الشروط، فهو يكفي فيها الظن، ولهذا نصوا أنه يجوز استهلاك مال الغير بشرط ظن الرضا، وكخبر المنادي ببيع ما في يده من مال غيره بشرط ظن الرضا، وفي وكيل عقد النكاح وغيره مع كونها محرمات قطعية، ويكفى الظن في شرط إباحتها، والعبرة بالانكشاف.
  وسألتم عمن عارض الأول لاعتقاد عدم كماله هل يجوز أم لا؟.
  والجواب: أن المعارضة بعد اعتقاد إمامته وانعقادها لا تجوز إلا بأمر معلوم ولا يكفي الظن، وأما قبل الاعتقاد فلا يدخل العالم إلا بالطريق الشرعية، والجاهل طريقه العالم، وأما القائم الثاني فالعبرة بما صح عنده وعرفه من حال نفسه وحال من قبله، فإذا عرف القصران في الأول والكمال في نفسه جاز له القيام بل قد يجب، ومهما فعل الدعوة مع الكمال، فقد ثبتت إمامته فيما بينه وبين اللّه تعالى، وجاز له كلما يجوز للإمام، ولا تتوقف الصحة على الإجابة.
  وقلتم: إذا اختبر العالم القائم فوجده قاصراً فهل يجوز له اعتقاد إمامته أم لا؟ نقول: إذا قد علم ذلك فلا يجوز، لكن يعينه على الأمر بالمعروف والنهي عن