[من آداب المحبة: محبة حبيب المحبوب]
  وقال عبيدة بن الحارث ¥ - وقد أصيب في معركة بدر، فحُمل إلى رسول الله ÷ مثخناً بالجراح -: أما والله لو أدركَ أبو طالب هذا اليوم لعلم أني أحق منه بما قال:
  كذبتم وبيت الله يُبزى محمدٌ ... ولما نطاعن دونه ونناضل
  ونُسلِمه حتى نُصّرع حوله ... ونذهل عن أبنائنا والحلائل
  وهذان البيتان من قصيدة أبي طالب كبير قريش وسيد البطحاء، الذي أظهر ولائه وحبه الكامل لرسول الله ÷ وحدبه عليه، والتي منها:
  وأبيضُ يستسقى الغمام بوجهه ... ثُمال اليتامى عصمةٌ للأرامل
  تَحُوطُ به الهُلاّك من آل هاشم ... فهم عنده في نعمةٍ وفواضل
  لعمري لقد كُلفتُ وجِداً بأحمد ... وإخوته دأب المحب المواصل
  فلا زال في الدنيا جمالاً لأهلها ... وزيناً لمن والاه رب المشاكل
  فمن مثله في الناس أي مُؤمَّلٍ ... إذا قاسه الحُكّام عند التفاضل
  فأصبح فينا أحمد في أُرومةٍ ... تقصر عنها سَورة المتطاول
  حدبتُ بنفسي دونه وحميتهُ ... ودافعتُ عنه بالذرى والكلاكل
  وهذا باب واسع، والمودة هي خالص الحب، والحب فهو إعظام المحبوب وإجلاله، والحياء منه، والوقوف منه على طاعته، فلا تطاوع نفس المحب أن يُرى على خلاف محبة محبوبه، بل مع مراد المحبوب ورغبته في أمره ونهيه وفي كل شؤونه.
  قال الجنيد: سمعت الحارث المحاسبي يقول: المحبة ميلك إلى شيء بكليتك، ثم إيثارك له على نفسك وروحك ومالك، ثم موافقتك له سراً وجهراً، ثم علمك بتقصيرك في حُبه.