مجموع رسائل الإمام المهدي محمد بن القاسم الحسيني،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[من آداب المحبة: محبة حبيب المحبوب]

صفحة 480 - الجزء 1

  القيامة لمكانهم من الله»، قالوا: يا رسول الله تخبرنا من هم؟، قال: «هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام بينهم، ولا أموال يتعاطونها فوالله إن وجوههم لنور، وإنهم على نور لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا خزن الناس»، وقرأ هذه الآية {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.

  وعنه ÷: «يحشر المرء مع من أحب».

  وقد وردت هذه الصفات لمحبي آل محمد ÷ في كثير من الروايات من طرق المنصفين من الشيعة والسنة، فتأمل ذلك موفقاً إن شاء الله تعالى.

  قال بعض العلماء: بذل المحب في رضاء محبوبه ما يقدر عليه مما كان يتمتع به بدون المحبة، وللمحب في هذه ثلاثة أحوال:

  أحدهما: بذله ذلك تكلفاً ومشقة وهذا في أول الأمر، فإذا قويت المحبة بذله رضا وطوعاّ، فإذا تمكنت من القلب غاية التمكن بذله سؤلاً وتضرعاً، كأنه يأخذه من المحبوب حتى أنه ليبذل نفسه دون محبوبه، كما كان الصحابة ¤ يَقُون رسولَ ÷ في الحرب بنفوسهم حتى يصّرعوا حوله، ومن أثّرَ محبوبه بنفسه فهو بمالِهِ أشد إيثاراً، قال الله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}، ولا يتم لهم مقام الإيمان حتى يكون الرسول ÷ أحب إليهم من أنفسهم، فضلاً عن أبنائهم وآبائهم كما صح عنه ÷: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» انتهى.