الباب الثالث في أمهات مسائل أصول الدين التي لا يعذر في جهلها أحد من المكلفين على سبيل الجملة والاختصار
  ومن السنة: فمثل خبري السفينة، وإني تارك فيكم، وكقوله ÷: «ومن قاتلنا آخر الزمان فكأنما قاتل مع الدجال»، «من سمع واعيتنا أهل البيت ولم يجبها كبه اللّه على منخريه في نار جهنم»، «من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر من ذريتي فهو خليفة اللّه وخليفة كتابه وخليفة رسوله»، «إن عند كل بدعة يكاد بها الإسلام ولياً من أهل بيتي موكلاً يعلن الحق وينوره ويرد كيد الكائدين»، «قدموهم ولا تَقدموا عليهم».
  وقد سبقت الإشارة إليها وإلى غيرها من رواية الموالف والمخالف مما تواتر معنىً وأفاد الإمامة قطعاً.
  وأما الإجماع: فقد انعقد إجماع طوائف الأُمة على صحة الإمامة في العترة، فثبتت لهم.
  وما يدعيه بعض الطوائف من صحتها في غيرهم باطل مردود:
  أما أولاً: فلأنها لا تكون إلا بدليل شرعي وإذن من اللّه تعالى لمن يقوم بها، ولم يأذن بها لغير العترة، وما لا دليل عليه باطل مردود، وقد قال تعالى {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}[الإسراء/٣٦]، وقال ÷: «كلما ليس عليه أمرنا فهو رد»، أو كما قال.
  فإن قيل: قد قال ÷: «الأئمة من قريش».
  قلنا: هذا الحديث غير صحيح(١)
  لقول عمر بمحضر من الصحابة: (لو كان سالم مولى أبي حذيفة حياً ما شككت فيه)، وسالم غير قرشي، مع أنه آحادي
(١) هكذا في كتاب الأساس للإمام القاسم بن محمد ولا يصح ذلك من وجوه:
أما أولاً: فلأن خبر الأئمة من قريش صحيح، فقد رواه الإمام الأعظم زيد بن علي عن آبائه $، وقد رواه في الجامع الكافي وفي نهج البلاغة وهو متلقىً بالقبول بل هو متواتر، وقد أوضحنا طرقه في مجمع الفوائد.
ثانياً: قول عمر «لو كان سالماً ... إلخ» ليس بحجة، ولو كان حجة - من حيث أن عمر قاله بمحضر من الصحابة ولم ينكر عليه فيصير إجماعاً - للزم منه بطلان القول بالنص على علي والحسنين À بل بطلان القول بالمنصب من أصله، وهذه اللوازم باطلة بأدلة قطعية لا يسع المقام إيرادها، والقول ببطلان الحديث من هذا الوجه - أي الإجماع على صحة قول عمر - أوقع في أعظم مما فروا منه، وصار الحال كما قال:
وكنت كالأوي إلى مثعب ... موائلا من سبل الراعد
وقد عادوا إلى تصحيحه بقولهم وإن سلم فمجمل بينته الأدلة القاطعة إلى آخر كلام الإمام #. فلا سبيل إلى تضعيف هذا الخبر فهو من أقوى الأدلة على القول بالمنصب، واللّه ولي التوفيق. تمت إملاء شيخنا مجد الدين #.