هذا باب النكرة والمعرفة
  فضرورة.
  وأما نحو: {تَأْمُرُونِّي}(١) فالصحيح أن المحذوف نون الرّفع.
= من الكرام، ومثله في هذا المعنى قول الشاعر:
إنّي لأفتح عيني حين أفتحها ... على كثير ولكن لا أرى أحدا
الإعراب: «عددت» عد: فعل ماض، وتاء المتكلم فاعله «قومي» قوم: مفعول به، وياء المتكلم مضاف إليه «كعديد» جار ومجرور يتعلق بمحذوف يقع صفة لموصوف محذوف، وتقدير الكلام: عددت قومي عدا مماثلا لعديد، وعديد مضاف و «الطيس» مضاف إليه «إذا» أداة تعليل، ظرف مبني على السكون في محل نصب، أو حرف مبني على السكون لا محل له «ذهب» فعل ماض «القوم» فاعله «الكرام» صفة للقوم «ليسي» ليس: فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره هو يعود إلى البعض المفهوم من كله السابق، وياء المتكلم خبره.
الشاهد فيه: قوله «ليسي» حيث حذف نون الوقاية التي تلحق الأفعال عند اتصالها بياء المتكلم لتقيها الجر. وهذا الحذف شاذ لا يجوز أن يقاس عليه، وكان ينبغي أن يقول «ليسني» كما قال بعضهم «عليه رجلا ليسني». والذي سهل هذا الشذوذ أن «ليس» فعل جامد لا يتصرف، فأشبه الاسم كغلام، وأنت إذا وصلت ياء المتكلم بالاسم لم تلحق به نون الوقاية، فتقول «غلامي، وكتابي» وما أشبه ذلك؛ فعامل الراجز هذا الفعل الجامد معاملة الأسماء لما أشبهها، وشيء آخر سهل الشذوذ، وذلك أن «ليسي» بمنزلة «غيري» في المعنى، ولما كانت نون الوقاية لا تتصل بغير إذا وصلت بياء المتكلم عامل الكلمة التي بمعنى غير معاملة غير نفسها لاشتراكهما في المعنى.
(١) سورة الزمر، الآية: ٦٤
واعلم أن للعرب في الفعل المضارع الذي يرفع بالنون إذا اتصلت به نون الوقاية نحو «تضربونني» ثلاث لغات: إحداها أن تأتي بالنونين على حالها، والثانية أن تأتي بهما وتدغم إحداهما في الأخرى، وبهذه اللغة قرئ {تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ} - بتشديد النون - والثالثة أن تأتي بنون واحدة وتحذف الأخرى، كل هذا مستعمل سائغ، وبالثالثة قرئ {تَأْمُرُونِّي} وهي القراءة التي ذكرها المؤلف هنا وهي بتخفيف النون، وقد اختلف النحاة في المحذوف من النونين ورجح المؤلف أن المحذوفة هي نون الرفع، ووجه رجحان ذلك أمران، الأول: أن نون الرفع قد عهد حذفها اطرادا في النصب والجزم ونادرا في غيرهما، والثاني: أن نون الوقاية مأتي بها لغرض فلا تحذف، وهذا مذهب