هذا باب عطف النسق
  {أَ أَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ}(١)، أو متأخّرا عنهما، نحو: {وَإِنْ أَدْرِي أَ قَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ}(٢)، وبين فعليتين، كقوله:
  [٤١٨] -
  فقلت أهي سرت أم عادني حلم
(١) سورة النازعات، الآية: ٢٧، والسؤال في هذه الآية الكريمة عن المحكوم عليه - وهو أنتم والسماء - وقد توسط بينهما المحكوم به - وهو أشد خلقا - وليس السؤال عنه، وأوقع أحد المسؤول عنهما بعد الهمزة - وهو أنتم - والثاني بعد أم - وهو السماء - ليفهم السامع من أول الأمر الشيء الذي يطلب المتكلم منه تعيينه، وهذا هو الذي تقتضيه الهمزة المعادلة، وكان يجوز أن يقال (أأنتم أم السماء أشد خلقا) فتؤخر المحكوم به الذي لا يسأل عنه عن المحكوم عليه.
(٢) سورة الأنبياء، الآية: ١٠٩، والسؤال في هذه الآية الكريمة عن المحكوم به - وهو قريب وبعيد - وقد تأخر عنهما المحكوم عليه - وهو (ما توعدون) فتقدم المحكوم به ومعادله عن المحكوم عليه. ومن هنا تفهم أن (قريب) خبر مقدم، و (بعيد) معطوف عليه بأم، و (ما) اسم موصول مبتدأ مؤخر، وجملة (توعدون) لا محل لها من الإعراب صلة، ويجوز أن يكون (قريب) مبتدأ، و (بعيد) معطوفا عليه، و (ما) اسما موصولا فاعلا تنازعه كل من قريب وبعيد سد مسد خبر المبتدأ.
[٤١٨] - هذا الشاهد من كلام زياد بن حمل، ويقال: زياد بن منقذ، العدوي التميمي، من كلمة يتذكر فيها أهله ويحن إلى وطنه، وما ذكره المؤلف ههنا عجز بيت من البسيط، وصدره مع بيت سابق عليه قوله:
زارت رقيّة شعثا بعد ما هجعوا ... لدى نواحل في أرساغها الخدم
فقمت للطّيف مرتاعا فأرّقني ... فقلت: أهي سرت ...
اللغة: (أهي) هو هنا بسكون الهاء إجراء لهمزة الاستفهام مجرى واو العطف وفائه، قال ابن جني: سكن أول هي لاتصال حرف الاستفهام به إجراء للهمزة مجرى واو العطف وفائه ولام الابتداء، غير أن الإسكان مع همزة الاستفهام أضعف منه مع هذه الحروف من جهة كون الهمزة يجوز قطعها عن المستفهم عنه، وليس كذلك واو العطف وفاؤه ولام الابتداء؛ فإنهن لا يجوز أن يفصلن عما اتصلن به (سرت) فعل ماض متصل بتاء التأنيث، من السري - بضم السين - وهو السير ليلا (عادني) أراد زارني، وعبر بلفظ العيادة للإشعار بما هو فيه من مرض العشق؛ فإن العيادة خاصة =