أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[الكلام على «إما»]

صفحة 338 - الجزء 3

[الكلام على «إما»]

  وزعم أكثر النحويين⁣(⁣١): أنّ (إمّا) الثّانية في الطّلب والخبر - نحو: (تزوّج إمّا


= الشاهد فيه: قوله (بين ملجم مهره أو سافع) فإن (أو) في هذه العبارة بمعنى الواو، والدليل على ذلك ما ذكرناه لك فيما مضى في بيت امرئ القيس (ش ٤١٣) من أن (بين) لا تضاف إلا إلى متعدد لفظا؛ فلو بقيت (أو) على معناها الذي هو أحد الشيئين أو الأشياء لكانت (بين) قد أضيفت إلى واحد، وهو غير ما تقتضيه العربية.

وقال قوم: إن أو في هذا البيت على معناها الأصلي - وهو الدلالة على أحد الشيئين أو الأشياء - وتخلصوا من تعدد ما تضاف إليه بين بأن زعموا أن تقدير الكلام ما بين فريق ملجم مهره أو فريق سافع، وهو تكلف لا موجب له.

ومن شواهد مجيء أو بمعنى الواو قول امرئ القيس:

فظلّ طهاة اللّحم ما بين منضج ... صفيف شواء أو قدير معجّل

والكلام في بيان الشاهد في بيت امرئ القيس هذا مثل الكلام في البيت الذي أنشده المؤلف، ونظيره قول راجز من بني أسد:

إنّ بها أكتل أو رزاما ... خويربين ينقفان الهاما

وجه الدلالة أنه ثنى (خويربين) ولو كانت أو لأحد الشيئين لقال (خويربا) فجاء به مفردا.

(١) تتلخص المباحث المتعلقة بإما في خمسة مباحث، وأنا أذكرها لك على سبيل الإيجاز والاختصار، فأقول:

المبحث الأول: لغة أكثر العرب كسر همزة (إما) ولغة تميم وقيس وأسد فتح همزتها.

المبحث الثاني: الغالب في (إما) هذه تكرارها، وقد تحذف الثانية ويؤتى في الكلام بما يقوم مقامها، نحو (إما أن تتكلم بخير وإلا فاسكت) وقرأ أبي وإنا أو إياكم لإما على هدى أو في ضلال مبين وقال الشاعر:

فإمّا أن تكون أخي بصدق ... فأعرف منك غثّي من سميني

وإلّا فاطّرحني واتّخذني ... عدوّا أتّقيك وتتّقيني

وقد تحذف الأولى ويكتفى بالثانية، وذلك كقول الشاعر:

تلمّ بدار قد تقادم عهدها ... وإمّا بأموات ألمّ خيالها

المعنى: تلم إما بدار قد تقادم عهدها وإما بأموات، والفراء يقيس على هذا فيجوز عنده أن تقول: زيد يبقى وإما يسافر، كما تقول: زيد يبقى أو يسافر.

المبحث الثالث: اتفق النحاة على أن (إما) لا تأتي بمعنى الواو ولا بمعنى بل، وإنما =