أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[الكلام على «إما»]

صفحة 339 - الجزء 3

  هندا وإمّا أختها) و (جاءني إمّا زيد وإمّا عمرو) - بمنزلة (أو) في العطف والمعنى، وقال أبو عليّ وابنا كيسان وبرهان: هي مثلها في المعنى فقط، ويؤيّده قولهم: إنّها مجامعة للواو لزوما، والعاطف لا يدخل على العاطف، وأما قوله:

  [٤٢٢] -

  أيما إلى جنّة أيما نار


= تأتي لما تأتي له أو من المعاني المشهورة المتفق عليها، وهي التخيير والإباحة بعد الطلب، والشك والإبهام بعد الخبر، وأمثلتها معروفة من أمثلة أو.

المبحث الرابع: اختلف النحاة في (إما) هذه أمركبة أو بسيطة، فذكر سيبويه أنها مركبة من إن وما، وذهب غيره إلى أنها بسيطة وأنها وضعت هكذا من أول الأمر، وهذا هو الراجح، لأن البساطة - أي عدم التركيب - هي الأصل.

المبحث الخامس: لا خلاف بين أحد من النحاة في أن (إما) الأولى غير عاطفة، وذلك لأنها قد تقع بين العامل ومعموله نحو (تزوج إما هندا وإما أختها) ونحو (قام إما زيد وإما عمرو) واختلفوا في (إما) الثانية، فمذهب أكثر النحاة أنها عاطفة والواو التي قبلها زائدة لئلا يلزم دخول العاطف على العاطف، ومذهب أبي على الفارسي وابن كيسان وابن برهان أن العاطف هو الواو: وإما دالة على الإباحة أو التخيير أو الشك أو الإبهام، فإما مثل أو في الدلالة على المعنى فقط عند هؤلاء، وليست مثلها في عطف ما بعدها على ما قبلها، وزعم ابن عصفور أن النحاة مجمعون على أن (إما) غير عاطفة، وهو نقل يخالف نقل غيره من أثبات العلماء.

وخلاصة هذا المبحث أنه لما كان الاستعمال قد جرى على أنه (إما) تكون مسبوقة بالواو، وكان المقرر عند النحاة كلهم أن العاطف لا يدخل على العاطف، كان مما لا بد منه أن نلغي دلالة أحد اللفظين على العطف، فاختار أكثر النحاة اعتبار الواو زائدة، واختار أبو علي ومن معه تجريد (إما) من الدلالة على العطف.

[٤٢٢] - نسب قوم هذا الشاهد إلى الأحوص، والصواب أنه لسعد بن قرظ، من أبيات له يهجو فيها أمه، وكان ابنا عاقا شريرا، وما ذكره المؤلف ههنا عجز بيت من البسيط، وصدره قوله:

يا ليتما أمّنا شالت نعامتها

اللغة: (شالت نعامتها) هذه كناية من كنايات العرب معناها (ماتت) وأصل شالت بمعنى ارتفعت، والنعامة - بفتح النون بزنة السحابة - باطن القدم، ويقال: النعامة هي =