أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[الكلام على «لكن» وشروط العطف بها]

صفحة 341 - الجزء 3


= بجر طالح، وإن لم تذكر معها الواو فهي حرف دال على الاستدراك وما بعدها معمول لمحذوف نحو (ما قدم زيد لكن عمرو) فعمرو في هذا المثال فاعل بفعل محذوف يدل عليه المذكور قبل لكن، والتقدير: ما قام زيد لكن قام عمرو، ونحو (ما مررت برجل صالح لكن طالح) فطالح مجرور بحرف جر محذوف دل عليه المذكور قبل لكن، والتقدير: ما مررت برجل صالح لكن مررت بطالح، ولظهور هذا المقدر ساغ حذف حرف الجر وبقاء عمله في هذا الكلام، ووافق ابن مالك في كتاب التسهيل يونس بن حبيب على أن لكن لا تكون عاطفة.

وجملة الشروط التي اشترطها الجمهور لصحة مجيء لكن حرف عطف ثلاثة شروط:

الشرط الأول: ألا تتقدم عليها الواو، فإن تقدمتها الواو نحو (ما مررت بزيد ولكن عمرو) كانت الواو هي العاطفة، ثم إن أكثر النحاة على أن المعطوف بالواو إذا كان مفردا فإنه يجب فيه أن يشارك المعطوف عليه في الإثبات والنفي، وعلى هذا يقدر للمعطوف عامل مثبت من جنس العامل في المعطوف عليه، وتكون الواو قد عطفت جملة على جملة، فتقدير المثال الذي ذكرناه: ما مررت بزيد ولكن مررت بعمرو، ومن العلماء ومن بينهم يونس من قال: إن شرط موافقة المفرد المعطوف بالواو للمعطوف عليه إثباتا أو نفيا خاص بما إذا لم يذكر في الكلام ما يدل على المخالفة، وفي هذه الصورة التي نتحدث عنها قد ذكر في الكلام ما يدل على المخالفة وهو لكن، وعلى هذا الرأي يكون (عمرو) في المثال المذكور معطوفا على زيد عطف مفرد على مفرد، وهذان الرأيان يجريان في قوله تعالى: {ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ} فإن رأيت لزوم موافقة المفرد المعطوف بالواو على المعطوف عليه لزمك أن تجعل {رَسُولَ اللَّهِ} خبرا لكان محذوفة لدلالة ما قبلها عليها، ويكون التقدير: ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن كان رسول اللّه، والواو حينئذ قد عطفت جملة كان المثبتة على جملة كان المنفية، وإن رأيت عدم التزام موافقة المفرد المعطوف بالواو للمعطوف عليه في الإثبات والنفي في مثل هذه الحالة فاجعل {رَسُولَ اللَّهِ} معطوفا على {أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ} عطف مفرد على مفرد.

الشرط الثاني: أن تسبق لكن بنفي أو بنهي، فمثال النفي (ما قام زيد لكن عمرو) ومثال النهي (لا يقم زيد لكن عمرو) وهذا الشرط اشترطه البصريون، ولم يشترطه الكوفيون، فإذا قلت (قام زيد لكن عمرو) فعمرو عند الكوفيين معطوف على زيد عطف مفرد على مفرد، ولكن عاطفة وإن لم يتقدمها نفي ولا نهي، وعند البصريين أن (عمرو) في هذا =