أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب عطف النسق

صفحة 342 - الجزء 3

  تسبق بنفي أو نهي، وأن لا تقترن بالواو، نحو: (ما مررت برجل صالح، لكن طالح) ونحو: (لا يقم زيد، لكن عمرو) وهي حرف ابتداء إن تلتها جملة، كقوله:

  [٤٢٣] -

  إنّ ابن ورقاء لا تخشى بوادره ... لكن وقائعه في الحرب تنتظر


= المثال لا يجوز أن يكون معطوفا على زيد عطف مفرد على مفرد لعدم تقدم النفي أو النهي، وإنما يجوز أن يكون (عمرو) فاعلا بفعل محذوف يدل عليه الفعل المتقدم على لكن، والتقدير: قام زيد لكن لم يقم زيد، كما يجوز أن يكون (عمرو) في المثال المذكور مبتدأ خبره محذوف، وتقدير الكلام: قام زيد لكن عمرو لم يقم، ولكن على كلا التقديرين حرف ابتداء جيء به لإفادة مجرد الاستدراك، وليست حرف عطف.

الشرط الثالث: ألا يقع بعد لكن جملة تامة، فإن وقع بعدها جملة تامة فهي حرف ابتداء، وليست عاطفة، وأنت خبير - بعد ما بيناه لك في شرح الشرط الثاني - أن وقوع الجملة التامة بعد لكن إما أن يكون بذكر جزأي الجملة جميعا كما في بيت زهير الذي أنشده المؤلف (ش رقم ٤٢٣) وإما أن يكون بذكر أحد الجزأين وتقدير الآخر كالذي ذكرناه لك في شرح المثال (قام زيد لكن عمرو) على مذهب الكوفيين.

[٤٢٣] - هذا الشاهد بيت من البسيط، وهو من قصيدة لزهير بن أبي سلمى المزني يمدح فيها الحارث بن ورقاء الصيداوي.

اللغة: (بوادره) البوادر: جمع بادرة، وهي الأمر يبدر من الإنسان عند الغضب وفي ديوان زهير (لا تخش غوائله) والغوائل: جمع غائلة، والمعنى أنه رجل يملك نفسه حال الغضب، أو أنه لا يغدر ولا يخون (وقائعه) جمع وقيعة، وهي إنزاله الشر بالأعداء (تنتظر) تتوقع ويرتقب حصولها وتخشى.

الإعراب: (إن) حرف توكيد ونصب (ابن) اسم إن منصوب بالفتحة الظاهرة وابن مضاف و (ورقاء) مضاف إليه مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه اسم لا ينصرف لاختتامه بألف التأنيث الممدودة (لا) حرف نفي (تخشى) فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بضمة مقدرة على الألف (بوادره) بوادر: نائب فاعل تخشى، وبوادر مضاف وضمير الغائب العائد إلى ابن ورقاء مضاف إليه، وجملة الفعل المبني للمجهول مع نائب فاعله في محل رفع خبر إن (لكن) حرف ابتداء مبني على السكون لا محل له من الإعراب (وقائعه) وقائع: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة، ووقائع مضاف وضمير الغائب العائد إلى ابن ورقاء مضاف إليه (في) حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب (الحرب) مجرور بفي، والجار والمجرور متعلق بقوله تنتظر الآتي، أو بمحذوف حال =