[الكلام على «بل» وشروطها]
  أو تلت واوا، نحو: {وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ}(١)، أي: ولكن كان رسول اللّه، وليس المنصوب معطوفا بالواو؛ لأنّ متعاطفي الواو المفردين لا يختلفان بالسّلب والإيجاب، أو سبقت بإيجاب، نحو: (قام زيد لكن عمرو لم يقم) ولا يجوز (لكن عمرو) على أنّه معطوف، خلافا للكوفيّين.
[الكلام على «بل» وشروطها]
  وأما (بل) فيعطف بها بشرطين، إفراد معطوفها(٢)، وأن تسبق بإيجاب أو أمر أو نفي أو نهي، ومعناها بعد الأوّلين سلب الحكم عما قبلها وجعله لما بعدها، ك (قام زيد بل عمرو)، و (ليقم زيد بل عمرو)، وبعد الأخيرين تقرير حكم ما قبلها وجعل ضدّه لما بعدها(٣) كما أن لكن كذلك، كقولك: (ما كنت في منزل ربيع بل في
= من وقائعه، أو من الضمير المستتر في تنتظر العائد إلى وقائعه (تنتظر) فعل مضارع مبني للمجهول ونائب فاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى وقائعه، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ.
الشاهد فيه: مجيء (لكن) حرف ابتداء لا حرف عطف؛ لكون الواقع بعدها جملة من مبتدأ وخبر.
(١) سورة الأحزاب، الآية: ٤٠؛ وقد تكلمنا عليها في ص ٣٤١.
(٢) فإن وقع بعد (بل) جملة لم تكن عاطفة، وكانت حينئذ حرف ابتداء دال على الإضراب، وقد يكون هذا الإضراب إبطاليا، أي الدلالة على أن ما قيل قبلها كلام باطل، وذلك قوله تعالى: {وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ} ونحو قوله سبحانه: {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ} وقد يكون هذا الإضراب انتقاليا، أي لمجرد الدلالة على الانتقال من غرض إلى غرض آخر، نحو قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا} ونحو قوله جل ذكره: {وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ٦٢ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا}.
وقد تزاد (لا) قبل بل بعد الإيجاب، للدلالة على توكيد الإضراب، نحو قول الشاعر:
وجهك البدر، لا، بل الشّمس لو لم ... يقض للشّمس كسفة أو أفول
وقد تزاد (لا) قبل (بل) بعد النفي لتقدير ما قبلها، نحو قول الشاعر:
وما هجرتك، لا، بل زادني شغفا ... هجر وبعد تراخى لا إلى أجل
وادعى ابن درستويه أن (لا) لا تزاد قبل بل بعد النفي، وهو محجوج بما أنشدناه.
(٣) هذا مذهب جمهور النحاة: وأجاز أبو العباس المبرد هذا المعنى، كما أجاز أن تكون =