هذا باب عطف النسق
  ولا يكثر العطف على الضّمير المخفوض إلا بإعادة الخافض، حرفا كان أو اسما، نحو: {فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ}(١)، {قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ}(٢) وليس بلازم، وفاقا ليونس والأخفش والكوفيين، بدليل قراءة ابن عباس والحسن وغيرهما {تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ}(٣)، وحكاية قطرب (ما فيها غيره وفرسه)، قيل: ومنه
= ومحل الشاهد فيه قوله: (لحقنا والجياد) حيث عطف قوله: (الجياد) على الضمير المرفوع المتصل الواقع فاعلا في قوله: (لحقنا).
وهذا كثير من الشعر دون النثر على ما قال المؤلف، وقال أبو العباس المبرد:
(والشاعر إذا احتاج أجراه بلا توكيد؛ لاحتمال الشعر ما لا يحسن في الكلام، قال عمر بن أبي ربيعة «وأنشد البيت» وقال جرير: «وأنشد البيت» فهذا كثير) اه.
قال أبو سعيد السيرافي (لا خلاف بين النحويين في العطف على الضمير المنصوب، وأما العطف على المرفوع فعند البصريين: لا يجوز إلا بالتوكيد أو ما هو بمنزلته، والكوفيون يجيزون العطف بغير توكيد، والأمر في ترك التوكيد عندهم أسهل منه عند البصريين، وسيبويه يرى ترك التوكيد وما يقوم مقامه قبيحا إلا في الشعر، والكوفيون لا يرونه قبيحا) اه.
وقال ابن مالك في شرح التسهيل (ولا يمتنع العطف «على الضمير المرفوع المتصل» دون فصل، كقول بعض العرب: مررت برجل سواء والعدم «برفع العدم» عطف العدم دون فصل ضرورة على الضمير المستتر في سواء ومنه قول جرير:
ما لم يكن وأب له لينالا
وقال:
قلت إذ أقبلت وزهر تهادى
وهذا قول مختار، لا مضطر، إذا كان له أن ينصب أبا وزهرا على المفعول معه، ومن ذلك قول عمر بن الخطاب حين سئل عن قوله تعالى: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً} قال: كنت وجار لي من الأنصار، ومن ذلك قول علي بن أبي طالب:
كنت وأبو بكر وعمر، وهاتان العبارتان قد أخرجهما البخاري في صحيحه) اه. ببعض إيضاح.
(١) سورة فصلت، الآية: ٢٢.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٣٣.
(٣) سورة النساء، الآية: ١.