هذا باب عطف النسق
  {وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ}(١) إذ ليس العطف على السّبيل؛ لأنه صلة المصدر، وقد عطف عليه (كفر) ولا يعطف على المصدر حتى تكمل معمولاته(٢).
(١) سورة البقرة، الآية: ٢١٧.
(٢) وقد استدل من أجاز العطف على الضمير المجرور بدون إعادة الجار بقول الشاعر:
فاليوم قرّبت تهجونا وتشتمنا ... فاذهب فما بك والأيّام من عجب
فقد عطف (الأيام) على ضمير المخاطب المتصل في قوله: (بك) من غير إعادة الجار للكاف مع المعطوف، ولو أعاده لقال (فما بك وبالأيام).
ونظيره قول الراجز:
آبك أيّه بي أو مصدّر ... من حمر الجلّة جأب حشور
فقد عطف قوله: (مصدر) على ضمير المتكلم المتصل المجرور محلا بالباء في قوله:
(بي) من غير أن يعيد الجار مع المعطوف، ولو أعاده لقال (أيه بي أو بمصدر).
ونظير ذلك قول الشاعر، وينسب إلى مسكين الدارمي:
نعلّق في مثل السّواري سيوفنا ... وما بينها والكعب غوط نفانف
فقد عطف قوله: (الكعب) على الضمير المتصل المجرور بإضافة بين إليه، من غير أن يعيد الجار للضمير، ولو أعاده لقال: (فما بينها وبين الكعب).
ونظير هذه الشواهد قول الشاعر:
أكرّ على الكتيبة لا أبالي ... أفيها كان حتفي أم سواها
فقد عطف (سوى) على الضمير المجرور بفي من غير إعادة الجار، ولو أعاده لقال:
(أفيها كان حتفي أم في سواها).
وقد خرجوا على هذا عدة آيات من آي القرآن الكريم، فمن ذلك قول اللّه تعالى:
{وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ} زعموا أن {الْمَسْجِدِ الْحَرامِ} معطوف على الضمير المجرور بالياء في (به) ومن ذلك قول اللّه تعالى: {وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ} زعموا أن قوله سبحانه: {وَمَنْ لَسْتُمْ} معطوف على الضمير المجرور باللام في قوله: {لَكُمْ} والآيتان تحتملان غير ما ذكروه، فلا تكون واحدة منهما دليلا، وقد منع المؤلف صحة حمل الآية الأولى على ذلك.