أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[أقسام البدل أربعة]

صفحة 357 - الجزء 3

  الأول: بدل كلّ من كلّ، وهو بدل الشيء مما هو طبق معناه، نحو: {اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ}⁣(⁣١)، وسمّاه النّاظم البدل المطابق؛ لوقوعه في اسم اللّه تعالى نحو: {إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللَّهِ}⁣(⁣٢)، فيمن قرأ بالجرّ، وإنما يطلق (كلّ) على ذي أجزاء، وذلك ممتنع هنا.

  والثاني: بدل بعض من كلّ، وهو بدل الجزء من كله، قليلا كان ذلك الجزء أو مساويا، أو أكثر، ك (أكلت الرّغيف ثلثه، أو نصفه، أو ثلثيه).

  ولا بدّ من اتّصاله بضمير، يرجع على المبدل منه: مذكور كالأمثلة المذكورة، وكقوله تعالى: {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ}⁣(⁣٣)، أو مقدّر، كقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}⁣(⁣٤) أي: منهم.

  الثّالث: بدل الاشتمال، وهو بدل شيء من شيء يشتمل عامله⁣(⁣٥) على معناه


(١) سورة فاتحة الكتاب، الآية: ٦ و ٧.

(٢) سورة إبراهيم، الآية: ١.

(٣) سورة المائدة، الآية: ٧١، و (كثير منهم) بدل من واو الجماعة في (عموا) أم الواو في (صموا) فهي راجعة إلى كثير، إذ أصل النظم: ثم عموا كثير منهم وصموا.

(٤) سورة آل عمران، الآية: ٩٧.

(٥) يختلف النحاة في بدل الاشتمال: هل المشتمل هو الأول الذي هو المبدل منه أو الثاني الذي هو البدل أو العامل في المبدل منه؟ واختار ابن مالك القول بأن المشتمل هو الأول، وهو قول الرماني، وقال أبو علي الفارسي: المشتمل هو الثاني؛ واختار المؤلف هنا أن المشتمل هو العامل في المبدل منه، وهو رأي المبرد والسيرافي وابن جني وابن الباذش وابن الأبرش وابن أبي العافية وابن ملكون، وهو الرأي الحقيق بالقبول، ألا ترى أن الإعجاب في مثال المؤلف يشتمل على كل من البدل والمبدل منه، وفي المثال الثاني السرقة واقعة على المبدل منه وهو زيد بطريق التجوز وعلى ثوبه أو فرسه بطريق الحقيقة، وإنما رجحنا هذا الرأي دون الرأيين الآخريين لأنه مطرد في كل الأمثلة، وكل من الرأيين غير مطرد، بل قد يكون في بعض الأمثلة ولا يكون في بعضها الآخر، فنحو قولك (سرق زيد عبده) لا يشتمل زيد على العبد فيكون ردا للقول الأول، ونحو (سرق زيد فرسه) لا يشتمل الفرس على زيد، فيكون ردا للقول الثاني.