أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب النداء وفيه فصول

صفحة 11 - الجزء 4

  وأعمّها (يا) فإنها تدخل على كل نداء، وتتعين في نداء اسم اللّه تعالى⁣(⁣١)، وفي باب الاستغاثة، نحو: (ياللّه للمسلمين) وتتعين هي أو (وا) في باب النّدبة، و (وا) أكثر استعمالا، منها في ذلك الباب، وإنما تدخل (يا) إذا أمن اللّبس؛ كقوله:

  [٤٣٠] -

  وقمت فيه بأمر اللّه يا عمرا


(١) نحو (يا اللّه) وبقي مما تتعين (يا) في ندائه لفظ (أيّ) نحو (يا أيّها النبي) ولفظ (أية) نحو {يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ}.

[٤٣٠] - هذا الشاهد عجز بيت من البسيط، وهو ثاني ثلاثة أبيات لجرير بن عطية يرثي فيها أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، رضي اللّه تعالى عنه! ونحن نذكر لك صدره مع أخويه وهي:

نعى النّعاة أمير المؤمنين لنا ... يا خير من حجّ بيت اللّه واعتمرا

حمّلت أمرا عظيما فاصطبرت له ... وقمت فيه ... إلخ

فالشّمس طالعة ليست بكاسفة ... تبكي عليك نجوم اللّيل والقمرا

اللغة: (حملت) بالبناء للمجهول مع تشديد الميم - أي كلفت (أمرا عظيما) أراد به مشاق الخلافة وإقامة المعدلة بين الناس بعد أن عم الظلم وفشا الجور (اصطبرت) بالغت في الصبر والاحتمال.

الإعراب: (حملت) حمل: فعل ماض مبني للمجهول، وتاء المخاطب نائب فاعله، وهو المفعول الأول (أمرا) مفعول ثان لحمل (عظيما) صفة لأمر (فاصطبرت) الفاء عاطفة، واصطبر: فعل ماض، وتاء المخاطبة فاعله (له) جار ومجرور متعلق باصطبر (وقمت) الواو حرف عطف، وقمت: فعل ماض وفاعله (فيه) جار ومجرور متعلق بقام (بأمر) جار ومجرور متعلق بقام أيضا، وأمر مضاف و (اللّه) مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة (يا) حرف نداء وندبة (عمرا) منادى مندوب مبني على ضم مقدر على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة المناسبة المأتي بها لمناسبة ألف الندبة.

الشاهد فيه: قوله (يا عمرا) حيث استعمل (يا) في الندبة لوضوح الأمر؛ لأن المقام للتفجع والتوجع لا للنداء، فإنه يقول هذه الأبيات في رثاء ميت، وليس بطلب إقباله عليه بغير شك.

ثم إن اتصال ألف الندبة في آخره دليل آخر على أنه أراد الندبة ولم يرد النداء، إذ لو أراد النداء لقال (يا عمر) ببنائه على الضم، لأنه مفرد علم، فاللفظ والمعنى جميعا يدلان على أن المتكلم أراد الندبة.