الفصل الثاني في أقسام المنادى، وأحكامه
  [٤٣٤] -
  فيا راكبا إمّا عرضت فبلّغن
[٤٣٤] - هذا الشاهد صدر بيت من الطويل، وقد وقع صدر بيت في شعر جماعة من الشعراء، وأشهرهم عبد يغوث بن وقاص الحارثي، وبيته من قصيدة يقولها وقد أسرته التيم يوم المكلاب الثاني، والبيت بتمامه قوله:
فيا راكبا إمّا عرضت فبلّغن ... نداماي من نجران أن لا تلاقيا
ومنهم ضابئ البرجمي، وبيته قوله:
فيا راكبا إمّا عرضت فبلّغن ... أمامة عنّي والأمور تدور
ومنهم مالك بن الرّيب المازني وبيته قوله:
فيا راكبا إمّا عرضت فبلّغن ... بني مازن والرّيب أن لا تلاقيا
اللغة: (راكبا) الراكب اسم الفاعل من (ركب فلان) وهو في الأصل صالح للإطلاق على كل راكب، سواء أكان ما يركبه فرسا أم جملا أم ناقة أم غيرهن، ولكن الاستعمال جرى على ألا يقال (راكب) بالإطلاق إلا لراكب الجمل والناقة، ويقال (فارس) لراكب الفرس (عرضت) يطلق على معنيين؛ أحدهما: تعرضت وظهرت، وثانيهما: أتيت العروض، والعروض - بفتح العين بزنة رسول - اسم لمكة والمدينة وما حولهما، وقال بعضهم: معناه هنا أتيت العرض وهي جبال بنجد.
المعنى: زاد بهذا الشاعر الشوق إلى أهله ومنازلهم، وبرح به الوجد بهم، فنادى من يكون طريقه عليهم، وسأله أن يبلغهم رسالته إليهم، وهي أنه يئس من الحياة، وأصبح يعتقد أنهم لا يتلاقون أبدا.
الاعراب: (يا) حرف نداء مبني على السكون لا محل له من الإعراب (راكبا) منادى منصوب بالفتحة الظاهرة (إما) مكونة من حرفين: أحدهما إن الشرطية وثانيهما ما الزائدة (عرضت) عرض: فعل ماض فعل الشرط مبني على فتح مقدر على آخره في محل جزم فعل الشرط، وتاء المخاطب فاعله مبني على الفتح في محل رفع (فبلغن) الفاء واقعة في جواب الشرط، بلغ: فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة، ونون التوكيد الخفيفة حرف لا محل له من الإعراب، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت (نداماي) ندامى: مفعول به لبلغ منصوب بفتحة مقدرة على الألف، وندامى مضاف وياء المتكلم مضاف إليه مبني على الفتح في محل جر (من) حرف جر (نجران) مجرور بمن وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة لأنه لا ينصرف للعلمية والتأنيث، والجار والمجرور متعلق بمحذوف حال من الندامى (أن) مخففة من الثقيلة، =