هذا باب ما لا ينصرف
  أحاد) جاؤوا واحدا واحدا، وكذا الباقي، ولا تستعمل هذه الألفاظ إلا نعوتا، نحو:
  {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ}(١) أو أحوالا، نحو: {فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ}(٢)، أو أخبارا نحو: (صلاة اللّيل مثنى مثنى) وإنّما كرر لقصد التوكيد، لا لإفادة التكرير.
  الثاني (أخر) في نحو: (مررت بنسوة أخر) لأنّها جمع الأخرى، والأخرى أنثى آخر - بالفتح - بمعنى مغاير، وآخر من باب اسم التفضيل، واسم التفضيل قياسه أن يكون في حال تجرّده من أل والإضافة مفردا مذكرا، نحو: {لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا}(٣)، ونحو: {قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ} - إلى قوله سبحانه - {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ}(٤) فكان القياس أن يقال (مررت بامرأة آخر) و (بنساء آخر) و (برجال آخر) و (برجلين آخر) ولكنّهم قالوا: أخرى، وأخر، وآخرون، وآخران، قال اللّه تعالى {فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى}(٥) {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}(٦) {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا}(٧) {فَآخَرانِ يَقُومانِ}(٨).
  وإنّما خصّ النحويون أخر بالذكر، لأنّ في أخرى ألف التأنيث، وهي أوضح
= وذهب كثير من حملة اللغة إلى أن قول شاعر الحماسة (وحدانا) جمع واحد، ونظيره راكب وركبان وصاحب وصحبان، فلا دليل فيه لما قاله السخاوي.
وربما استعملت هذه المعدولات استعمال الأسماء، لا استعمال المشتقات، ومن ذلك قول الشاعر:
وخيل كفاها ولم يكفها ... ثناء الرّجال ووحدانها
(١) سورة فاطر، الآية: ١
(٢) سورة النساء، الآية: ٣
(٣) سورة يوسف، الآية: ٨
(٤) سورة التوبة، الآية: ٢٤
(٥) سورة البقرة، الآية: ٢٨٢
(٦) سورة البقرة، الآية: ١٨٤
(٧) سورة التوبة، الآية: ١٠٢
(٨) سورة المائدة، الآية: ١٠٧