هذا باب ما لا ينصرف
  بالفك، قاله أبو الحسن، وخولف لوجود الموازنة.
  ولا يؤثر وزن هو بالاسم أولى، ولا وزن هو فيهما على السواء، وقال عيسى:
  إلّا أن يكونا منقولين من الفعل كالأمر من ضارب، وتضارب، ودحرج، أعلاما، واحتجّ بقوله:
  [٤٨٠] -
  أنا ابن جلا وطلّاع الثّنايا
[٤٨٠] - هذا الشاهد من كلام سحيم بن وثيل الرياحي، وما ذكره المؤلف صدر بيت من الوافر، وعجزه قوله:
متى أضع العمامة تعرفوني
اللغة: (جلا) اختلف في هذه الكلمة: أهي من أصل الوضع فعل أم اسم، والذين ذهبوا إلى أنها فعل اختلفوا: أهي باقية على فعليتها، وفي الفعل ضمير مستتر، وجملته صفة لموصوف محذوف، أي أنا ابن رجل جلا الأمور وكشفها وأوضحها، أم أنه قد نقل إلى العلمية وسمي به، والذين ذهبوا إلى أنه اسم اختلفوا فيه على قولين؛ أحدهما أن أصله مصدر ممدود فقصر للضرورة كما سمي بفضل وزيد وأصله جلاء، ومعناه الوضوح والظهور والانكشاف، وثانيهما أن أصله اسم مقصور وأصل معناه انحسار الشعر عن مقدم الرأس (طلاع) هو صيغة مبالغة من الطلوع، وهو الصعود (الثنايا) جمع ثنية وهي الموضع في أعلى الجبل، وكني بقوله (طلاع الثنايا) عن كونه يقتحم الشدائد ويذلل عظائم الأمور، أو عن كونه جلدا صبورا على الملمات والشدائد.
الإعراب: (أنا) ضمير منفصل مبتدأ (ابن) خبر المبتدأ (جلا) أحسن ما فيه من الأعاريب أنه فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو، وله مفعول محذوف، وتقدير الكلام: أنا ابن رجل جلا الأمور، وجملة الفعل الماضي وفاعله ومفعوله في محل جر صفة لموصوف مجرور بالإضافة محذوف، كما ظهر في التقدير (وطلاع) الواو حرف عطف، طلاع: معطوف على الخبر، وهو مضاف و (الثنايا) مضاف إليه.
الشاهد فيه: قوله (جلا) فإن عيسى بن عمر زعم أنه ممنوع من الصرف للعلمية ووزن الفعل، وزعم أن العلم إذا كان منقولا من فعل كان ممنوعا من الصرف مطلقا، والجمهور على أنه إن كان وزنه مشتركا بين الاسم والفعل أو هما فيه سواء لم يكن ممنوعا من الصرف، وقد أجابوا عن عدم تنوين هذه الكلمة بوجهين؛ أحدهما: أنه يحتمل أن تكون - مع تسليم علميتها - منقولة عن جملة؛ فهي في الأصل فعل وضمير =