أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب ما لا ينصرف

صفحة 120 - الجزء 4

  ومرّ دهر على وبار ... فهلكت جهرة وبار

  وأهل الحجاز يبنون الباب كلّه على الكسر؛ تشبيها له بنزال، كقوله:

  [٤٨٢] -

  إذا قالت حذام فصدّقوها ... فإنّ القول ما قالت حذام


=

وقبلهم غالت المنايا ... طسما فلم ينجه الحذار

وحلّ بالحيّ من جديس ... يوم من الشرّ مستطار

وأهل جوّ أتت عليهم ... وأفسدت عيشهم فباروا

فصبّحتهم من الدّاوهي ... نائحة عقبها الدّمار

ومرّ دهر على وبار ... فهلكت جهرة وبار

اللغة: (وبار) اسم أمة قديمة من العرب البائدة كانت تسكن أرضا بين اليمن ورمال يبرين، وسميت هذه الأرض وبار باسم سكانها، ثم لما هلكت هذه الأمة كما هلكت عاد وثمود وطسم وجديس أضحت أرضها خرابا يبابا، فعز سلوكها وخيف طروقها، حتى اعتقد الناس فيما بعد أن الجن تسكن هذه الأرض.

الإعراب: (ألم) الهمزة للاستفهام، لم: حرف نفي وجزم وقلب (تروا) فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون، وواو الجماعة فاعله (إرما مفعول به أول لتروا (وعادا) معطوف عليه (أودى) فعل ماض (بها) جار ومجرور متعلق بقوله أودي (الليل) فاعل أودى (والنهار) معطوف عليه (ومر) الواو حرف عطف، مر: فعل ماض (دهر) فاعل مر (على) حرف جر (وبار) مجرور بعلى، والجار والمجرور متعلق بمر (فهلكت) محذوف، نظير قولهم: قعد فلان القرفصاء، والعيني يعربه حالا، نظير قولهم: طلع زيد بغته (وبار) فاعل هلكت مرفوع بالضمة الظاهرة.

الشاهد فيه: قوله (وبار) في آخر الشطر الأول من البيت الثاني، وفي قافية ذلك البيت؛ فإنه في الموضع الأول بناه على الكسر كما هو لغة الحجازيين وأكثر بني تميم، ثم أعربه في الموضوع الثاني إعراب ما لا ينصرف فرفعه بالضمة لما اضطر إلى ذلك.

وزعم قوم أن الثانية ليست علما، بل هي فعل ماض مسند لواو الجماعة، والجملة معطوفة بالواو على جملة هلكت، ومن حقها على هذا أن ترسم هكذا (فهلكت جهرة وباروا).

[٤٨٢] - نسب بعضهم هذا الشاهد لديسم بن طارق أحد شعراء الجاهلية، والصواب أنه للجيم بن صعب والد حنيفة وعجل، وحذام: امرأته، قاله ابن منظور في لسان العرب (مادة رقش). =