هذا باب العلم
  ولا ترتيب بين الكنية وغيرها، قال:
  [٤٠] -
  أقسم باللّه أبو حفص عمر
= والاسم الذي هو قوله: «عمرو»، وقدم اللقب على الاسم، والقياس المطرد في كلام العرب أن يقدم الاسم على اللقب كما صنع في قوله: «منذر ماء السماء» حيث قدم الاسم الذي هو قوله: «منذر» على اللقب الذي هو قوله: «ماء السماء».
[٤٠] - هذا بيت من الرجز المشطور، وبعده قوله:
ما مسّها من نقب ولا دبر ... فاغفر له اللّهمّ إن كان فجر
وهذا الرجز من كلام أعرابي كان قد وفد على أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي اللّه تعالى عنه، فقال له: إني على ناقة دبراء عجفاء نقباء، وطلب إليه أن يعطيه من بيت مال المسلمين ناقة سليمة يرتحلها إلى مقصده، فأبى عليه ذلك، وقال له: ما أرى بناقتك من نقب ولا دبر.
اللغة: «أبو حفص» هي كنية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، والحفص: الأسد وكني بذلك إيماء إلى جرأته وشجاعته، ويقال: كني بحفصة ابنته أم المؤمنين وزوج رسول اللّه ﷺ، والأول أشهر «نقب» بفتح النون والقاف جميعا - هو رقة أخفاف البعير، ويقال: بعير أنقب، وناقة نقباء، ورقة الخف مما يصعب معه تتابع السير «دبر» بفتح الدال والباء جميعا - هو الجرح الذي يكون في ظهر البعير، وقيل: هو أن يقرح خف البعير، وتقول: بعير أدبر، وناقة دبراء «فجر» كذب، ومال عن الصدق.
الإعراب: «أقسم» فعل ماض مبني على الفتح لا محل له من الإعراب «باللّه» جار ومجرور متعلق بأقسم «أبو» فاعل أقسم، مرفوع بالواو نيابة عن الضمة لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف و «حفص» مضاف إليه، مجرور بالكسرة الظاهرة «عمر» بدل أو عطف بيان لأبي حفص، مرفوع بالضمة الظاهرة، وسكن لأجل الوقف.
الشاهد فيه: قوله: «أبو حفص عمر» حيث قدم الكنية - وهي قوله: «أبو حفص» - على الاسم الذي هو قوله: «عمر» والنحويون متفقون على جواز ذلك، وعلى جواز عكسه، وهو أن يقدم الاسم على الكنية، فتقول: أقسم باللّه عمر أبو حفص، وإذ كانوا يجوزون تقديم الكنية على الاسم مع أن الاسم يجب عند الأكثرين تقديمه على اللقب؛ فإنهم يجوزون تقديم الكنية على اللقب من باب أولى؛ فيجوز أن تقول: هذا أبو حفص الفاروق، كما يجوز أن تقول: هذا الفاروق أبو حفص، فافهم ذلك واحرص عليه، واللّه ينفعك به. =