أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب إعراب الفعل

صفحة 135 - الجزء 4


= لا يقع فيها، وبيان ذلك أنك تقول (سيقوم زيد) و (سوف يقوم زيد) و (قد جعل زيد يقول كذا) و (هلا يزورنا زيد) و (ما لزيد لا يزورنا)، و (جاء الذي يحب الخير) فتجد في كل جملة من هذه الجمل فعلا مضارعا مرفوعا، والاسم لا يقع في المكان الذي وقع فيه المضارع في كل جملة من هذه الجمل، فبطل قولكم إن الذي يرتفع به المضارع هو كونه حالا محل الاسم.

وأجاب قوم عن هذا الاعتراض بأن المراد بقولهم حلوله محل الاسم أنه يقع موقعه في الجملة، وليس المراد أن كل موقع وقع فيه المضارع هو حال فيه محل اسم، وهذا جواب ضعيف لا يحل الإشكال.

القول الثالث: وهو قول أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب والزجاج - وحاصله أن الذي يرتفع به المضارع هو مضارعته - أي مشابهته - للاسم.

وقد اعترض على هذا القول بأن مشابهة الفعل المضارع للاسم اقتضت إعرابه بوجه عام، ونحن نريد سببا اقتضى خصوصي الرفع، لا مطلق الإعراب.

وقد يدفع هذا الاعتراض بأن أبا العباس ثعلبا من علماء الكوفة، وهم يرون أن إعراب الفعل المضارع راجع إلى ما هو الأصل في الأفعال عند الكوفيين على ما سبق بيانه، فلم يصح قول المعترض عليه (إن مشابهة المضارع للاسم اقتضت إعرابه على وجه العموم) ولكن هذا الجواب لا يصحح ما ذهب إليه الزجاج البصري لأنه لا يقول مقالة الكوفيين إن الأصل في الأفعال الإعراب.

القول الرابع: وهو قول ينسب إلى الكسائي - وملخصه أن الذي اقتضى رفع الفعل المضارع هو حروف المضارعة التي هي حروف (أنيت) التي تكون في أول المضارع.

واعترضوا على هذا القول بعدة اعتراضات، منها أن حروف المضارعة قد صارت جزءا من الفعل المضارع، وجزء الشيء لا يعمل فيه، ومنها أن حروف أنيت موجودة مع المضارع في قولك: (لن أزور عليا) وفي قولك (لم أزر عليا) وليس هو مرفوعا بل هو منصوب في المثال الأول ومجزوم في المثال الثاني، وكيف يدخل عامل على عامل آخر يقتضي عملا آخر؟

وقد رجح العلماء - ومنهم ابن مالك كما ذكرنا من قبل - في هذه المسألة مذهب حذاق الكوفيين الذي بدأنا به، وهو القول الحري بالقبول لأنه بعيد عن النقص بمثل ما ورد على الأقوال الأخرى، واللّه تعالى أعلى وأعلم. -