[المواضع التي يجب فيها حذف الجواب]
  {لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ}(١).
  كما يجب إغناء جواب الشرط عن جواب قسم تأخّر عنه، نحو: (إن تقم واللّه أقم).
= الجواب لأن اقترانه بالفاء يمنع ذلك، لما قد علمت من أن الجواب المنفي بلم لا يقترن بالفاء.
الموضع الثالث: أن يكون الكلام السابق جملة فعلية فعلها مضارع مرفوع، نحو قولك (أقوم إن قمت) ولا يصح أن تجعل المضارع السابق جواب الشرط لأنه لو كان جوابا لا نجزم، والفرض أنه مرفوع.
الأمر الثاني: هذا الذي ذكره المؤلف - من أن المتقدم هو دليل جواب الشرط وليس هو الجواب نفسه - هو مذهب جمهور البصريين، وحجتهم في ذلك أن أداة الشرط لها صدر الكلام فلا يجوز أن يتقدم الجواب عليها، وذهب الكوفيون والمبرد وأبو زيد إلى أن الكلام المتقدم في المواضع الثلاثة هي جواب الشرط، وليس في الكلام حذف، قالوا: وإنما لم تدخل الفاء على الجملة الاسمية المتقدمة في الموضع الأول لأنها لا تناسب صدر الكلام، ولأنها إنما يؤتى بها خلفا عن العمل، وليس مع التقديم عمل فلا حاجة إليها، وقالوا: إن الفاء اقترنت بلم في الموضع الثاني لأنه ليس ثمة شيء يمنع منها، إذ يجوز أن تقترن الفاء بالجملة الفعلية التي فعلها مضارع منفي بلم، بدليل أن الزمخشري جوز في قوله تعالى: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ} أن تكون هذه الجملة جوابا لشرط محذوف، وتقدير الكلام: إن افتخرتم بقتلهم فلم تقتلوهم، وقالوا: إن رفع المضارع المتقدم في الموضع الثالث بسبب ضعف أداة الشرط عن أن تعمل فيما تقدم عليها، وكل ما اعتذر به هؤلاء ضعيف فلا تغتر به.
الأمر الثالث: أن الفرق بين تقدير البصريين وتقدير الكوفيين ومن ذكر معهم - من حيث المعنى - دقيق يجب أن تعرفه وتلقي له بالك، ونشرحه لك في مثال الموضع الأول وهو قولك (أنت ظالم إن آذيتني) فإن معناه على تقدير البصريين أن المتكلم بنى كلامه أول الأمر على الإخبار جازما بأن المخاطب ظالم، ثم بدا له أن يعلقه على الشرط، فهو أشبه شيء بالتخصيص بعد التعميم، وأما على تقدير الكوفيين ومن معهم فإن المتكلم بنى كلامه على الشك والتردد من أول الأمر، وفرق بين البناءين.
(١) سورة الإسراء، الآية: ٨٨.