أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب إعراب الفعل

صفحة 211 - الجزء 4

  وأمّا الثاني فذكره الزمخشري فقال: أمّا حرف يعطي الكلام فضل توكيد، تقول (زيد ذاهب) فإذا قصدت أنّه لا محالة ذاهب قلت: (أمّا زيد فذاهب) وزعم أن ذلك مستخرج من كلام سيبويه.

  وهي نائبة عن أداة شرط وجملته، ولهذا تؤوّل بمهما يكن من شيء، ولا بدّ من فاء تالية لتاليها، إلّا إن دخلت على قول قد طرح استغناء عنه بالمقول؛ فيجب حذفها معه كقوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَ كَفَرْتُمْ}⁣(⁣١)، أي: فيقال لهم أكفرتم، ولا تحذف في غير ذلك إلّا في ضرورة، كقوله:

  [٥٢٢] -

  فأمّا القتال لا قتال لديكم


= الدلالة على التفصيل، لكن قد يذكر كل من القسيمين وقد يذكر أحدهما ويحذف الآخر للعلم به، فاعرف ذلك وتفطن له.

(١) سورة آل عمران، الآية: ١٠٦.

[٥٢٢] - هذا الشاهد من كلام الحارث بن خالد المخزومي. وهو مما هجا به بني أسيد بن أبي العيص. والذي أنشده المؤلف صدر بيت من الطويل، وعجزه مع بيت سابق عليه قوله:

فضحتم قريشا بالفرار، وأنتم ... قمدّون سودان عظام المناكب

فأمّا القتال .... ... ولكنّ سيرا في عراض المواكب

اللغة: (قمدون) جمع قمدّ - بضم القاف والميم وتشديد الدال، بزنة عتلّ - هو الطويل مطلقا، وقيل: هو الطويل العنق الضخمه، وقيل: هو الشديد الصلب القوي (سودان) جمع أسود على غير قياس: وقيل: جمع سود، وهو جمع أسود، مأخوذ من السيادة، قاله البغدادي (عراض) جمع عرض - بالضم - وهو الناحية (المواكب) يروى بالواو جمع موكب وهو الجماعة من الناس ركبانا أو مشاة، ويروى بالراء (المراكب) وفسروه بنفس الذي فسرنا به الرواية الأولى، ويقال: هم ركاب الإبل للزينة خاصة.

المعنى: يهجو بني أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس، ويقول لهم: إنكم جماعة لا تقدمون على القتال ولا تحسنونه، وإنما تحسنون السير مع ركاب الإبل الذين لا يقاتلون، لذلك فضحتم قريشا بالانتساب إليها؛ بسبب فراركم من حومة القتال، وتوليكم مع أن صوركم صور الشجعان ذوي السيادة.

الإعراب: (أما) حرف شرط وتفصيل (القتال) مبتدأ (لا) نافية للجنس (قتال) اسم لا =