[يعتبر التذكير والتأنيث بالنظر لاسم الجنس واسم الجمع بحالهما، وبالنظر إلى الجمع بمفرده]
  اللّه تعالى: {إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا}(١) وقرئ {تَشابَهَتْ}(٢).
(١) سورة البقرة، الآية: ٧٠
(٢) ذكر المؤلف حكم العدد من ثلاثة إلى عشرة مع اسم الجنس ومع اسم الجمع، ولكنه عند التمثيل لم يمثل لاسم الجمع، وإنما مثل لاسم الجنس.
ونحن نحدثك عن كل واحد من اسم الجنس واسم الجمع حديثا مستقلّا لاختلاف ما يقال عن كل منهما؛ فنقول:
خلاصة الكلام عن اسم الجنس أنه على ثلاثة أنواع: نوع يعود الضمير إليه من الفعل ومن الوصف مذكرا لا غير، وهذا يقال عنه إنه واجب التذكير، ونوع يعود الضمير إليه من الفعل أو الوصف مؤنثا لا غير، وهذا يقال عنه إنه واجب التأنيث، ونوع يعود الضمير إليه مذكرا في بعض العبارات ومؤنثا في بعضها الآخر، وهذا يقال عنه إنه جائز التذكير والتأنيث.
فأنت تنظر أول الأمر إلى الضمير الذي يعود إلى اسم الجنس، فإن وجدته يعود إليه مذكرا لا غير اعتبرته مذكرا وجئت معه باسم العدد مقرونا بالتاء، وقد مثل المؤلف لهذا النوع بالغنم، والقاعدة صحيحة لكن المثال غير صحيح، فقد ورد في القرآن الكريم:
{إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ} فأنّث الفعل المسند إلى الغنم، فدل ذلك على أنه يؤنث، والمثال الصحيح (الرطب، والقمح) وإن وجدت الضمير يعود إليه مؤنثا لا غير اعتبرته مؤنثا وجئت معه باسم العدد من غير تاء، ومن هذا النوع البط كما ذكر المؤلف، وإن وجدت الضمير يعود إليه مذكرا أحيانا ومؤنثا في أحيان أخرى اعتبرته ذا وجهين، وساغ لك أن تأتي معه باسم العدد من غير تاء على اعتباره مؤنثا، وبالتاء على اعتباره مذكرا، ومن هذا النوع البقر، فإن الضمير قد عاد إليه مذكرا في قراءة الجماعة في قوله تعالى: {إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا} وعاد إليه مؤنثا في القراءة الأخرى (تشابهت).
وأما اسم الجمع فظاهر كلام المؤلف أنه على التفصيل الذي ذكره وشرحناه لك في اسم الجنس، وقد فصل ابن عصفور اسم الجمع على تفصيل آخر، وحاصله أنه إن كان يستعمل في العقلاء - وذلك مثل القوم والنفر والرهط - جعلناه في حكم المذكر فجئنا باسم العدد معه مقرونا بالتاء، وفي القرآن الكريم: {وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ} وإن كان اسم الجمع يستعمل في غير العقلاء - مثل الجامل لجماعة الجمال، والباقر لجماعة البقر - جعلناه في حكم المؤنث وجئنا معه باسم العدد خاليا من التاء فقلنا (ثلاث من الباقر). =