هذا باب العدد
  ويعتبران مع الجمع بحال مفرده فلذلك تقول: (ثلاثة إصطبلات) و (ثلاثة حمّامات) بالتاء فيهما اعتبارا بالإصطبل والحمام، فإنهما مذكران، ولا تقول:
  (ثلاث) بتركها اعتبارا بالجمع، خلافا للبغداديّين(١).
= ونحن لا نقر هذا التفصيل الذي ذكره ابن عصفور، أما أولا فلأن (النسوة، والنساء، والجماعة) ثلاثتها من أسماء الجموع التي تستعمل في العقلاء، وهي لا تعامل في كلام العرب معاملة المذكرين، وأما ثانيا فلأنه جعل (الجامل) الذي هو جماعة الجمال مما يعامل معاملة المؤنث على أساس أنه لما لا يعقل، وقد عامله العرب معاملة المذكر، وذلك في قول الشاعر:
ربّما الجامل المؤبّل فيهم ... وعناجيج بينهنّ المهار
والصواب فيما نرى بقاء تفصيل الكلام في اسم الجمع على ما قاله المؤلف، ومن المذكر منه لا غير قوم ورهط ونفر، ومن المؤنث منه إبل وخيل ونسوة، ومن جائز التذكير منه بقر وغنم.
وهذا الذي قررناه - من أن العبرة في اسم الجنس واسم الجمع بحالهما تذكيرا وتأنيثا، ولا ينظر إلى المعنى المراد منهما - مخصوص بما إذا لم يفصل بين اسم العدد وبين أحدهما بوصف يدل على المعنى المراد منه - بألا يذكر وصف أصلا نحو (ثلاث من البقر، أو ثلاثة من البقر) ونحو (ثلاث من البط) ونحو (ثلاثة من الرطب) أو يذكر وصف لكن يؤتى به متأخرا نحو (ثلاث من البط ذكور) أو (ثلاث من البط إناث) - فإن ذكر وصف وجيء به بين اسم العدد والمعدود نظر إلى المعنى المراد، فإن كان المراد به مذكرا جيء باسم العدد مقرونا بالتاء فتقول (ثلاثة ذكور من البط) ونحو (ثلاث سنبلات من القمح) وابن مالك يجعل الوصف المتأخر كالواقع بين العدد والمعدود ويجعل البدل كالنعت.
(١) هذا الذي اختاره المؤلف - من أن العبرة مع الجمع بحال مفرده، فإذا كان المفرد مذكرا جيء باسم العدد مقرونا بالتاء نحو (ثلاثة حمامات، وثلاثة إصطبلات) لأن المفرد حمام وإصطبل، وهما مذكران، ولا تجوز مراعاة حال الجمع، فلا تقول (ثلاث حمامات وثلاث إصطبلات) وإن كان الجمع جمع مؤنث سالما - هو مذهب البصريين من النحاة، وقد خالف في ذلك البغداديون والكسائي، فأجازوا مراعاة حال أيهما شئت: حال المفرد، وحال الجمع، وعلى ذلك يجوز لك أن تقول (ثلاثة حمامات) وأن تقول (ثلاث حمامات) الأول بمراعاة حال المفرد، والثاني بمراعاة حال الجمع، =