هذا باب كنايات العدد
  بجرّ (عمّة) و (خالة) على أن كم خبرية، وبنصبهما، فقيل: إنّ تميما تجيز نصب مميز الخبرية مفردا(١)، وقيل: على الاستفهام التهكمي، وعليهما فهي:
  مبتدأ، و (قد حلبت) خبر، والتاء للجماعة، لأنّهما عمّات وخالات وبرفعهما على الابتداء. و (حلبت) خبر للعمّة، أو الخالة، وخبر الأخرى محذوف. وإلّا لقيل:
  (قد حلبتا) والتاء في (حلبت) للواحدة؛ لأنّهما عمّة واحدة وخالة واحدة. و (كم) نصب على المصدريّة أو الظرفية، أي: كم حلبة أو وقتا.
  وأما (كأيّ) فبمنزلة (كم)(٢) الخبرية: في إفادة التكثير، وفي لزوم التصدير،
= ومما يروى بالأوجه الثلاثة قول القطامي الذي أنشدناه من قبل (ص ٢٤٢):
كم نالني منهم فضلا على عدم ... إذ لا أكاد من الإقتار أحتمل
رواه البصريون بنصب (فضلا) بناء على ما قرروه من أنه إذا فصل بين كم الخبرية ومميزها نصب التمييز إن لم يجر بمن، لأن جر التمييز عندهم بإضافة كم إليه، ولم يجز أحد من النحاة الفصل بين المضاف والمضاف إليه بجملة، وعلى هذا يكون فاعل نال ضميرا مستترا يعود إلى مصدر الفعل.
ورواه الكوفيون بجر (فضل) على أنه تمييز كم الخبرية، والفصل عندهم لا يغير الحكم بناء على أن جر التمييز بمن مضمرة لأن (من) ظهرت جارة للتمييز مع الفصل نحو {وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ} ومن غير فصل نحو {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً}.
ورواه قوم برفع (فضل) على أنه فاعل نالني.
(١) قال الرضي: (وبعض العرب ينصب مميز كم الخبرية مفردا كان أو جمعا بلا فصل أيضا، اعتمادا في التمييز بينها وبين الاستفهامية على قرينة الحال) اه. فيجوز - على هذا - أن يكون (عمة) منصوبا مع أن كم خبرية.
وهذه اللغة التي حكاها الرضي صراحة وأومأ إليها المؤلف ههنا هي التي اعتمدها الذين أجازوا في تمييز كم الخبرية النصب، أي فجره عندهم على لغة أكثر العرب، ونصبه على لغة قوم منهم.
(٢) يقال: (كأي) بفتح الكاف والهمزة وتشديد الياء منونة مكسورة - ويقال: (كائن) بألف بعد الكاف ثم همزة مكسورة ثم نون ساكنة. =