أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب كنايات العدد

صفحة 246 - الجزء 4


= وقد جعل المؤلف كأيّ مثل كم الخبرية، وحمل التشبيه الواقع في كلام ابن مالك في قوله: (ككم كأي) على أن المشبه به هو كم الخبرية، وقلده الأشموني في ذلك، مع أن مذهب ابن مالك أن (كأي) تكون خبرية وتكون استفهامية على ما نبنيه لك فيما بعد، في الوجه الخامس من وجوه الاتفاق بين كأي وكم - وكان عليه أن يحمل كلام الرجل على مذهبه هو، لا على ما يترجح عنده، فاعرف ذلك.

واعلم أن (كأي) توافق (كم) في خمسة أمور:

الأول: أن كلّا منهما اسم مبني، أما اسمية كم فقد مضى دليلها، وأما اسمية كأي فدليلها أن هذه الكلمة تقع مبتدأ محدثا عنه، وأنها قد يدخل عليها حرف الجر، وأما بناؤها فلأنها أشبهت الحرف شبها معنويا كالذي قلناه في كم.

الثاني: أن كلّا منهما مبهم الجنس والمقدار، وأن تمييز كل منهما يبين جنسه المبهم.

الثالث: افتقار كل منهما إلى التمييز، وهذا مبني على الوجه الثاني.

الرابع: أن كلّا منهما له صدر الكلام، ومعنى هذا أنه لا يجوز تقديم العامل فيه عليه.

الخامس: أن كلّا منهما على نوعين: استفهامية، وخبرية بمعنى كثير، وهذا مذهب ابن قتيبة وابن عصفور وابن مالك، وقد استدلوا له بقول أبيّ بن كعب لابن مسعود (كأي تقرأ سورة الأحزاب آية؟) فأجابه بقوله: (ثلاثا وسبعين) وجمهور النحاة على أن (كأي) نوع واحد، وهو الخبرية التي بمعنى كثير، ولا يقولون بمجيئها استفهامية بمعنى أي عدد.

ثم اعلم أن (كأي) تخالف (كم) في خمسة أمور أيضا:

الأول: أن الراجح عند النحاة في كأي أنها مركبة من كاف التشبيه وأي المنونة، والراجح عندهم أيضا أن كم بسيطة، وقد ذهب أبو حيان - تبعا لقوم - إلى أن (كأي) بسيطة غير مركبة، وذهب الكسائي والفراء إلى أن (كم) مركبة من كاف التشبيه و (ما) الاستفهامية، وأن ألف (ما) حذفت عند التركيب كما تحذف في نحو (بم) و (لم) و (عم) و (فيم) ثم سكنت الميم للتخفيف.

الثاني: أن تمييز (كأي) مجيئه مجرورا بمن، وإذا لم يجر بمن كان منصوبا، فأما تمييز كم فقد عرفت فيما مضى (ص ٢٤٢) الصور التي يجيء عليها، وعرفت أن الأكثر في تمييز كم الخبرية المتصل بها أن يكون مجرورا مفردا أو جمعا، وزعم ابن عصفور أن -