أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الموصول

صفحة 130 - الجزء 1

  ولا يجوز ذلك في ذان وتأن للإلباس.

  وتلخّص أن في نون الموصول ثلاث لغات، وفي نون الإشارة لغتان.

  ولجمع المذكّر كثيرا ولغيره قليلا «الألى» مقصورا، وقد يمدّ، و «الّذين» بالياء مطلقا، وقد يقال بالواو رفعا، وهو لغة هذيل أو عقيل، قال:


= الشاهد فيه: قوله «اللتا» حيث حذف النون من مثنى التي المرفوع، فقد عرفت أنه خبر المبتدأ الذي هو الضمير المنفصل، وقد أخبرناك في شرح الشاهد السابق أن هذا الحذف مما يجوز في لغة بلحرث بن كعب أجمعين وبعض بني ربيعة، وأن الذي حفظه العلماء عنهم حذف النون من المثنى المرفوع، ولم يحفظ عنهم حذف النون من المثنى المنصوب والمخفوض.

فإن قلت: فما عسى أن يكون السر في تجويزهم الحذف من المثنى في حالة الرفع دون حالتي النصب والخفض؟

فالجواب عن ذلك أن نقول لك: إن امتناع التباس المثنى بالمفرد في حالة الرفع قد أباحت لهم الحذف، وإن جواز التباس المفرد بالمثنى في حالتي النصب والجر هو الذي منعهم من الحذف، ألا ترى أنك لو قلت «إن التي لو ولدت تميم لكان لتميم بذلك الفخر كل الفخر» لم يدر أردت المفرد فلا حذف، أم أردت المثنى فحذفت النون؟ ولهذا تجدهم لم يجيئوا في «ذان» و «تأن» بحذف النون؛ لأن حذفها في حال الرفع يوقع في اللبس فلا يدرى أمثنى أراد المتكلم أم مفردا.

فإن قلت: فكيف يمكن الالتباس وقد علمنا أن صلة الموصول لا بد أن تشتمل على ضمير يربط الموصول بالصلة، وهذا الضمير يجب أن يكون مطابقا للموصول في إفراده وتثنيته وجمعه، فأنا آمن - بوجود هذا العائد - من التباس المفرد بالمثنى!؟

فالجواب عن هذا أن نقول لك: لقد حفظت شيئا وغابت عنك أشياء! فإن هذا الضمير - وإن يكن مما لا بد منه - غير واجب الذكر، بل قد يكون مذكورا، وقد يكون محذوفا وهو مراد، فلو حذف هذا الضمير لالتبس الكلام كما في المثال الذي ذكرناه لك، ثم إن الصلة لا يجب أن تكون جملة يظهر فيها الضمير أحيانا، بل قد تكون الصلة ظرفا نحو أن تقول «إن الذي - أو التي - عندك من قوم صالحين» فلا يدري المخاطب أمفردا أردت أم جمعا، فلما كان الالتباس حادثا في كثير من صور الكلام امتنعوا من الحذف، فتفهم هذا القول واللّه يرشدك.