هذا باب الموصول
  فدعاء الأصنام ونداء القطا والطّلل سوّغ ذلك.
  الثانية: أن يجتمع مع العاقل فيما وقعت عليه «من» نحو: {كَمَنْ لا يَخْلُقُ}(١)، لشموله الآدميين والملائكة والأصنام، ونحو: {أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ}(٢)، ونحو: {مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ}(٣)، فإنه يشمل الآدميّ والطائر.
  الثالثة: أن يقترن به في عموم فصّل بمن، نحو: {مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ}(٣) و {مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ}(٣) لاقترانهما بالعاقل في عموم {كُلَّ دَابَّةٍ}(٣).
  وأما «ما» فإنها لما لا يعقل وحده، نحو: {ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ}(٤)، وله مع العاقل، نحو: {سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ}(٥)، ولأنواع من يعقل، نحو: {فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ}(٦)، وللمبهم أمره كقولك وقد رأيت شبحا: «انظر إلى ما ظهر».
  والأربعة الباقية للعاقل وغيره؛ فأما «أيّ» فخالف في موصوليتها ثعلب، ويردّه قوله:
= بمحذوف خبر كان «الخالي» نعت للعصر. والجملة من كان ومعموليها لا محل لها صلة من.
الشاهد فيه: قوله «يعمن من - الخ» حيث استعمل «من» الموصولة في معنى المفرد المذكر غير العاقل؛ لأن المراد بها ههنا الطلل البالي، والأصل في «من» أن يكون استعمالها في العاقل، وإنما استعملت هنا في غيره مجازا. والذي مهد لهذا التجوز نداء الطلل من قبل في قوله «أيها الطلل» فإن نداءه جعله حينئذ بمنزلة العقلاء، إذ لا ينادى ولا يدعى إلّا العاقل، لأن الغرض من النداء إقبال من تناديه عليك، والغرض من الدعاء إجابة من تدعوه، فتفهم ذلك واحفظه.
(١) سورة النحل، الآية: ١٧
(٢) سورة الحج، الآية: ١٨
(٣) سورة النور، الآية: ٤٥
(٤) سورة النحل، الآية: ٩٦
(٥) سورة الحشر، الآية: ١
(٦) سورة النساء، الآية: ٣