[مسألة: قد يعطى الوصل حكم الوقف]
  الشعر؛ فمن الأول قراءة غير حمزة والكسائي: {لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ}(١) {فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ}(٢) بإثبات هاء السّكت في الدّرج، ومن الثاني قوله:
  [٥٥٩] -
  مثل الحريق وافق القصبّا
(١) سورة البقرة، الآية: ٢٥٩.
(٢) سورة الأنعام، الآية: ٩٠.
[٥٥٩] - قد نسبوا هذا الشاهد لرؤبة بن العجاج، ومنهم من نسبه إلى ربيعة بن ضبع، والذي أنشده المؤلف ههنا بيت من مشطور الرجز، وقبله قوله:
لقد خشيت أن أرى جدبّا ... في عامنا ذا بعد ما أخصبّا
إنّ الدّبى فوق المتون دبّا ... كأنّه السّيل إذا اسلحبّا
أو الحريق وافق القصبّا
ومن هذه الرواية تعرف أن رواية الشاهد على ما في الكتاب وكثير من كتب النحاة قد أصابها شيء من التغيير.
اللغة: «جدبا» هو القحط، وأصله بفتح الجيم وسكون الدال «اخصبّ» نما فيه الزرع وظهر الخصب، وأصله بفتح الباء مخففة «الدبى» بفتح الدال مقصورا بزنة الفتى - وهو الجراد «المتون» جمع متن، وهو الظهر، وأراد متون الأودية «دبا» مشى مشيا فيه تؤدة وهينة «اسلحبا» امتد وانبطح، وأراد بذلك أنه يملأ البطاح ويعم الوديان «الحريق» أراد النار المشتعلة «القصبا» كل نبات يكون ساقه أنابيب وكعوبا.
الإعراب: «مثل» هو على هذه الرواية مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي هو مثل، ومثل مضاف و «الحريق» مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة «وافق» فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الحريق «القصبا» مفعول به لقوله وافق، وجملة الفعل الماضي وفاعله ومفعوله في محل جر صفة للحريق، أو في محل نصب حال منه، وذلك لأنه اسم مقترن بأل الجنسية.
الشاهد فيه: قوله: «القصبا» حيث شدد الباء كأنه وقف عليها بالتضعيف، مع أن حقيقة الأمر أنه وقف باجتلاب ألف الوصل فلم تكن الباء حال الوقف واقعة في الآخر حتى يعاملها هذه المعاملة، وهذا ضرب من معاملة الوصل معاملة الوقف، وابن مالك يقول في شأن هذه المسألة «وفشا منتظما» يريد أن معاملة الوصل معاملة الوقف كثير في الشعر ذائع فاش.