أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب الموصول

صفحة 138 - الجزء 1

  ولا تضاف لنكرة خلافا لابن عصفور، ولا يعمل فيها إلا مستقبل متقدّم⁣(⁣١) نحو: {لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ}⁣(⁣٢) خلافا للبصريين، وسئل الكسائيّ: لم لا يجوز «أعجبني أيّهم قام»؟ فقال: أيّ كذا خلقت⁣(⁣٣)، وقد تؤنث وتثنّى وتجمع، وهي


= فسلم على شخص مقول فيه أيهم أفضل، وفي هذا التقدير من التكلف ما يبعثنا على عدم الأخذ بالقول الذي استوجبه.

(١) اشترطوا في العامل في «أي» الموصولة شرطين، الأول أن يكون مدلوله الزمان المستقبل، والثاني أن يقدم عليها في الكلام، أما شرط الاستقبال فسنتكلم على تعليله في الكلام على عبارة الكسائي المشهورة «أي كذا خلقت» وأما وجوب تقديم العامل فيها فإنما أرادوا به أن يظهر من أول الأمر فرق ما بين الموصولة هذه وبين الشرطية في نحو قوله تعالى: {أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى} والاستفهامية في نحو قوله سبحانه: {فَأَيَّ آياتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ} فإنك تعلم أن أسماء الاستفهام وأسماء الشرط لا يعمل فيها ما قبلها، لأن لها صدر الكلام، فلو عمل فيها ما قبلها لصارت حشوا أي في وسط الكلام، وذلك يخالف وضعها، ولهذا لما كان مذهب الخليل «أي» لا تكون موصولة وأنها في الآية الكريمة {أَيُّهُمْ أَشَدُّ} استفهامية اضطر إلى أن يقدرها مقطوعة عما قبلها، وأن يجعلها مبتدأ، وأن يقدر لما قبلها معمولا محذوفا، على ما شرحناه لك في شرح الشاهد ٥.

(٢) سورة مريم، الآية: ٦٩.

(٣) «خلقت» أراد أن وضعها على هذا، ووجه ذلك ابن السراج بأن «أيّا» وضعت على أن تستعمل في مبهم، وأنت لو قلت «يعجبني أيهم يقوم» كنت كأنك قد قلت: يعجبني الشخص الذي يقع منه القيام السمتقبل كائنا من كان، أما لو قلت «يعجبني أيهم قام» والفعل الماضي يدل على حصول حدثه قبل زمن التكلم - فإن المعنى حينئذ: يعجبني الشخص المعين الذي وقع القيام منه، فيكون ذلك مخالفا لما وضعت أي على أن تستعمل فيه، ووجه ذلك ابن الباذش بما توضيحه أن الزمان المستقبل لا يدرى مقطعه (أي منتهاه) ولا مبدؤه، فهو مبهم تام الإبهام، وأما الماضي والحال فإنهما محصوران لانقطاع الماضي ولحضور الحال، والفعل الذي لا يصلح للدلالة على المستقبل المبهم هو الفعل المضارع، فلما كانت «أي» موضوعة على أن تكون مبهمة في استعمالها لم يصلح لها الماضي وصلح لها المضارع، وإن اختلف إبهام المضارع فإن =